للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه:

لا فرق في الدين بين موجباته وأسبابه من البيع والقرض وغيرهما، ولا في القرض بين كون العين المقترضة باقية عند المقترض سنة أو أكثر أم لا.

وذلك لأن عقد القرض المتعقب بالقبض موجب لانتقال ملكية القرض (المال المقترض) من المقرض إلى المقترض، فالمقترض هو صاحب المال فيجب عليه زكاة ماله إن بقي المال عنده حولا بعد القبض، وكان المال مما يجب فيه الزكاة.

وأما المقرض فهو لا يملك إلا مثل أو قيمة ما أقرضه في ذمة المقترض فيكون حكمه حكم سائر الديون في عدم تعلق الزكاة به لكونه مالا ذميا.

بل ذكر صاحب الجواهر رحمه الله: أن القرض يفترق عن سائر الديون في أن القائل بالوجوب في الدين على صاحبه إذا كان المديون موسرا، لا يقول به فيما نحن فيه (في القرض إن حال عليه الحول عند المقترض) ثم قال: (ولعله للإجماع والنصوص، ولأنه يكون كتزكية المال الواحد في السنة مرتين ... ) (١) .

هذا من المشهور عند الإمامية، نعم للشيخ الطوسي قول بأن المقترض لا يملك العين المقترضة إلا بالتصرف فيها، فعليه لا يجري الحول عنده إلا من حين تصرفه (٢) .

ويدل على عدم ثبوت زكاة القرض على المقرض روايات:

منها: ما رواه الشيخ رحمه الله في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال:

(سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقرض المال للرجل السنة والسنتين والثلاث أو ما شاء الله؛ على مَنِ الزكاة؟ على المقرض أو المستقرض؛ فقال: على المستقرض لأن له نفعه وعليه زكاته) (٣) .

ومنها: ما رواه الكليني رحمه الله عن زرارة قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل دفع إلى رجل مالا قرضا، على مَن زكاته؟ على المقرض أو على المقترض؟ قال: لا بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض، قال: قلت فليس على المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكى المال من وجهين في عام واحد وليس على الدافع شيء، لأنه ليس في يده شيء، إنما المال في يد الآخر، فمن كان المال في يده زكاه. قال: قلت: أيزكي مال غيره من ماله؟ فقال: إنه ماله مادام في يده وليس ذلك المال لأحد غيره، ثم قال: يا زرارة أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو وعلى من؟ قلت: للمقترض، قال: فله الفضل وعليه النقصان وله أن ينكح ويلبس منه ويأكل منه ولا ينبغي له أن يزكيه، بل يزكيه كأنه عليه) (٤) .


(١) جواهر الكلام: ١٥/ ١٩٩
(٢) مدارك الأحكام: ٥/ ٢٩
(٣) الوسائل: ٦/ ٦٨
(٤) الوسائل: ٦/ ٦٧؛ فروع الكافي: ١/ ١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>