للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وذهب المالكية إلى أنه يحسب من نصاب الزكاة (خمسة أوسق) ما استأجر المالك به من الزرع في حصاده أو دراسته، أو تذريته حال كونه محزوما، ويحسب كذلك الكيل الذي استأجر به، ولفظ اللقاط الذي مع الحصاد، لأنه من الأجرة، لا لقط ما تركه ربه وهو حلال لمن أخذه، ولا يحسب ما أكلته دابة في حال درسها، لعسر الاحتراز منها، فنزل منزلة الآفات السماوية (١) .

ومعنى قوله: (يحسب) أي رب المال ضامن حصة الزكاة في الصورة المذكورة.

قال الإمام ابن رشد (الجد) في (البيان) : (الزرع إذا أفرك فقد وجبت فيه الزكاة: العشر أو نصف العشر، حبا مصفى، تكون النفقة في ذلك من ماله، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((فيما سقت السماء والعيون والبعل: العشر، وفيما سقي بالنضح: نصف العشر)) ، فعلى صاحب الزرع أن يحسب كل ما أكل منه، أو أعلفه، أو استأجر به في عمله، لوجوب ذلك عليه في ماله.

قال ابن المواز: (وكذلك ما تصدق به، إلا أن يكون ذلك كله تافها يسيرا لا قدر له ... ، وأما ما أكلت منه الدواب والبقر في حين الدرس، فليس عليه أن يحصي شيئا من ذلك، لأنه أمر غالب بمنزلة ما لو أكلته الوحوش، أو ذهب بأمر من السماء) (٢) .

وذكر العلامة القرافي عن بعض فقهاء المذهب: (وأما حفر الأنهار والسواقي وإقامة الجسور فلا تأثير لمؤنة ذلك، لأن إصلاح الأرض كالحرث) . ونقل عن صاحب (تهذيب الطالب) : (إذا عجز عن الماء فاشتراه: قال ابن حبيب: عليه العشر. وقال عبد الملك بن الحسن: نصف العشر، قال: وهو الصواب، لأن مشقة المال كمشقة البدن) (٣) .


(١) انظر: منح الجليل: ٢/ ٣٣
(٢) البيان والتحصيل لابن رشد: ٢/ ٤٨٠- ٤٨١
(٣) الذخيرة: ٣/ ٨٢- ٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>