للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علل الإمام السرخسي وجهة نظر الحنفية في هذه المسألة بقوله: (ولا يرفع مما أخرجت الأرض نفقة ولا أجرة عامل، لأن بإزاء ما غرم من الأجر دخل في ملكه العوض وهو منفعة العامل، وصار إقامة العمل بأجيره كإقامته بنفسه. ولو كان زرع الأرض كان عليه عشر جميع الخارج من غير أن يرفع من ذلك بذرا أو نفقة أنفقها، فكذلك أجر العامل) (١) .

وقال الإمام الكاساني: (ولا يحتسب لصاحب الأرض ما أنفق على الغلة من سقي أو عمارة أو أجر الحافظ، أو أجر العمال، أو نفقة البقر، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما سقت السماء ففيه العشر، وما سقي بغرب أو دالية أو سانية ففيه نصف العشر)) ، أوجب العشر ونصف العشر مطلقا عن احتساب هذه المؤن، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الحق على التفاوت لتفاوت المؤن، ولو رفعت المؤن لارتفع التفاوت) (٢) .

وقال العلامة ابن عابدين في (العقود الدرية) : (يجب العشر في جميع الخارج، ولا يحتسب لصاحبها ما أنفق من سقي أو عمارة أو أجرة حافظ، لأنه أوجب باسم العشر وأنه يقتضي الشركة في جميعه) . و (يجب فيما سقى بغرب أو دالية أو سانية نصف العشر قبل دفع مؤن الزرع) (٣) .

ومما جاء في (مجمع الأنهر) حول هذه المسالة: (نصف العشر قبل رفع مؤن الزرع ... والمعنى بلا إخراج ما صرف له من نفقة العمال والبقر وكري الأنهار وغيرها مما يحتاج إليه في الزرع لإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: ((فيما سقت السماء العشر ... )) ، ولأنه عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت المؤن فلا معنى لرفعها، وهذا قيد لمجموع العشر ونصفه) (٤) .


(١) المبسوط: ٢٣/ ٩٩، باب العشر في المزارعة والمعاملة
(٢) بدائع الصنائع: ٢/ ٦٢، بيروت، دار الكتاب العربي
(٣) العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، بيروت، دار المعرفة: ١/ ١٠- ١١
(٤) مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، لداماد أفندي، بيروت، دار إحياء التراث العربي:١ / ٢١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>