للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلاحظ عزو المنجور الإجماع على التعليل لابن بشير، وقد علمت مما مر أن الإجماع غير وارد، والصواب مع أشهب أن الإجماع إجماع القائسين، ثم أن اللخمي من علماء مذهب الإمام مالك يعتبر خلافه مؤثرا داخل المذهب، حتى إن خليلاً في مختصره التزم ذكر اختياراته.

وقد أوجز ميارة الفاسي موقف المالكية بقوله في التكميل:

الثَّمَنِيَّة وَقِيلَ الْغَلَبَهْ

فِي الثَّمَنِيَّة فَحَقِّقْ مَذْهَبَهْ.

عِلَّة ذَا الرِّبَا عَلَيْهِمَا الْفلُوس

نُقُودًا أَوْ عَرَضًا فَحقِّقِ الْأُسس

وَجُلُّ قَوْلِهِ الْكَرَاهِيَةَ بِذَا

تَوَسُّطًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ خُذَا

قال الرهوني في حاشيته على الزرقاني: إن مالكا رحمه الله تردد في علة الربا في النقدين، هل هي الثمنية المطلقة فتكون الفلوس ربوية؟ أو الثمنية المقيدة بالغالبية فلا تكون الفلوس ربوية؟ ففى بعض أبواب الفقه جعل العلة هي الثمنية المطلقة كالسلم؛ لأنه جعل الفلوس فيه كالعين، وكذلك في باب الرهن وغيرهما، وفي بعض الأبواب جعلها الثمنية المقيدة بالغالبية كالقراض؛ لأنه قال: لا يقارض بالفلوس؛ لأنها تؤول إلى الفساد والكساد، فجعلها كالعرض، ولم يجعلها كالعين في كل شيء، وقد اختصر مذهبه ابن عرفة بقوله: وفي كون الفلوس ربوية ثالث الروايات يكره فيها. . . إلى آخره.

ومع أن جميع شروح خليل ذكروا القول بالحرمة في باب السلم، فإنهم ذكروا الكراهة، وقال الرهوني: إنها الراجحة، ولكنهم تركوا الباب مفتوحًا لتحقيق المناط، أي للحكم بالربوية عندما تتحقق غلبية الثمنية؛ لأنهم لا يفسرون الغلبية كما يفسرها غيرهم بأنها صفة لازمة للنقدين لتكون العلة قاصرة.

وإنما اعتبروها حالة واقعة بحيث إذا تحققت تلك الحال فلا مناص من تحقق الحكم طبقا لتعريف جمهور الأصوليين، فإن تحقيق المناط إثبات الصلة المتفق عليها أصلا في الفرع.

قال سيدي عبد الله الشنقيطي ناظما كلام السبكي في جمع الجوامع:

تَحْقِيق عِلّة عَلَيْهَا ائْتَلَفَا

فِي الْفَرْعِ تَحْقِيقُ مَنَاط ألفَا

قال في نشر البنود: يعنى أن تحقيق المناط، أي العلة هو إثبات العلة المتفق عليها في الفرع كتحقيق أن النباش الذي ينبش القبور ويأخذ الأكفان سارق، فإنه وجدت فيه العلة وهي أخذ المال خفية من حرز مثله، فيقطع خلافا لأبي حنيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>