للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وحكى ابن رشد ما ذكره ابن حزم من الخلاف فيما نقص من المحصول قبل التصفية وإمكان الكيل أو قبل الحصاد، ولكنه بين سبب الاختلاف وأنه راجع إلى تعارض الآثار المروية عن سهل بن أبي حتمة وعن جابر مع الآية في قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] ، والقياس القاضي بأن المأخوذ مال، وفيه الزكاة مثل سائر المال (١) .

- ولخص الإمام شهاب الدين القرافي (المتوفى: ٦٨٤ هـ/ ١٢٨٥ م) مذهب إمام دار الهجرة في المسألتين: احتساب المؤنة، وما ينقص من المحصول بالأكل منه والصدقة وغير ذلك فقال:

(قال مالك: يحسب في الزرع ما أكل منه، وما آجر به الجمال وغيرها بخلاف ما أكلت الدواب في الدراس، لأن النفقة من ماله) ثم نقل عن صاح البيان ما يلي:

(وقال ابن المواز: ويحسب ما تصدق به. وقال الليث: لا شيء عليه في ذلك بعد الإفراك وقبل اليبس، وأما ما أكل بعد اليبس فيحسب بلا خلاف، واختلف في الصدقة بعد اليبس، وعند مالك: يحسبها، وأما ما أكلت الدواب في الدراس فلا يحسب كآفات السماء) (٢) .

ومن تنصيص ابن شاس: (ولا يطرح لهم ما يخرجونه من الأجرة، إذ يلزمهم تخليص حصة الفقراء) (٣) .

- ويقول المرغيناني من علماء الحنفية (متوفى سنة ٥٩٣ هـ) :

(وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر، لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة البقر، لأن النبي عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب التفاوت المؤونة فلا معنى لرفعها) (٤) .

- ولا يرى الشافعي - رحمه الله- مبررا للتنقيص من المحصول وعدم احتسابه في الزكاة مثل الأكل والصدقة، وأجرى ما يرفع من المحصول ما يعادل النفقة: (وما أكل من التمر بعد أن يصير في الجرين [هو للتمر كالبيدر للحنطة] ضمن عشره، وكذلك ما أطعم منه) وقال: (وإذا كان النخل يكون تمرا فباعه مالكه رطبا كله أو أطعمه كله أو أكله كرهت ذلك له، وضمن عشره تمرا مثل وسطه) (٥) .

- وأما عند الحنابلة فالمؤنة لا تحتسب ولا ترفع من المحصول قبل الزكاة إلا إذا تداين صاحبها لينفق، قال ابن قدامة: (والمؤنة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال، لأن الثمرة كالماشية، ومؤنة الماشية وحفظها ورعيها، والقيام عليها إلى حين الإخراج على ربها، وكذا هاهنا [أي في زكاة الحرث] ) (٦) . وقال: (قال أحمد: من استدان ما أنفق على زرعه، واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله، لأنه من مؤنة الزرع. وبهذا قال ابن عباس) (٧) .


(١) (بداية المجتهد: ١/ ٣٩٥- ٣٩٦، ط. دار الكتب العلمية- بيروت ١٤٢٠ هـ/ ٢٠٠١ م)
(٢) (الذخيرة: ٣/ ٨٢)
(٣) (عقد الجواهر الثمينة: ١/ ٣١١، ط. دار الغرب الإسلامي- بيروت ١٤١٥ هـ/ ١٩٩٥ م)
(٤) (الهداية: ١/ ١١٠، ط. المكتبة الإسلامية)
(٥) (الأم: ٢/ ٣٥، ط. دار الفكر- بيروت ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م)
(٦) (المغني: ٢/ ٧١١، ط. مكتبة الرياض الحديثة ١٤٠١ هـ/ ١٩٨١ م)
(٧) (المغني: ٢/ ٧٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>