للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وبمذهب عطاء هذا، أخذ العلامة أبو بكر ابن العربي مدعما ما ذهب إليه بحديث عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، الذي قال فيه الترمذي: عليه العمل عند أهل العلم في الخرص: يقول الراوي المذكور: (جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) (١) وكذلك بحديث ابن لهيعة وغيره عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خففوا في الخرص فإن في المال العرية والرطبة والأكل والوصية والعمل والنوائب)) (٢) .

وبين- رحمه الله- الخلاف: هل يستوفى الكيل على من يخرص عليهم؟ كما قال بذلك مالك وأبو حنيفة ووافقهما الثوري، أو يترك لهم ما يأكلونه رطبا؟ كما قال بذلك الإمامان: محمد وأبو يوسف، مع رعاية ما يكفي لذلك أي في أكل الزارع وصاحبه وجاره، حتى لو كل جميعه رطبا- كما يقولان- لم يجب عليه شيء. وإنما يجب مما أوتي بالحصاد وضمه إلى الجرين، لأن الله تعالى قال: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا} [الأنعام: ١٤١] فلم يجعل الإيتاء شرطا إلا بعد أن أذن في الأكل إباحة. ثم قال- رحمه الله- في قضية النفقات التي نحن بصددها:

(وكذلك اختلف قول علمائنا: هل تحط المؤنة من المال المزكى، وحينئذ تجب الزكاة؟ أو تكون مؤنة المال وخدمته حتى يصير حاصلا، في حصة رب المال، وتؤخذ الزكاة من الرأس؟

والصحيح أنها محسوبة، وأن الباقي هو الذي يؤخذ عشره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعوا الثلث أو الربع)) ، وهو قدر المؤنة، ولقد جربناه فوجدناه كذلك في الأغلب، وبما يؤكل رطبا ويحتسب المؤنة يتخلص الباقي ثلاثة أرباع أو ثلثين والله أعلم) .


(١) (عارضة الأحوذي على صحيح الترمذي: ٣ /١٤٠- ١٤٤، ط. دار الكتاب العربي- بيروت)
(٢) (عارضة الأحوذي على صحيح الترمذي: ٣ /١٤٠- ١٤٤، ط. دار الكتاب العربي- بيروت)

<<  <  ج: ص:  >  >>