للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويختم القاضي أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه- بحثه في الموضوع فيقول: (والمتحصل من صحيح النظر: أن يترك له [للزارع] ، قدر الثلث أو الربع كما بيناه في مقابلة المؤنة من واجب فيها، ومندوب إليها منها، والله أعلم) (١) .ويتبين لنا من كلام القاضي أبي بكر بن العربي - رحمه الله- أمران:

الأول: أنه قسم النفقات إلى قسمين: نفقات واجبة: مثل أجور العمال، وأثمان البذور والأسمدة وغيرها.. ونفقات مندوب إليها: مثل العرايا والصدقات، وما أكل الأهل والأقارب والطارقة.

الثاني: أنه ذكر إخراج العشر من الباقي بعد ترك الثلث أو الربع على تقدير أن هذا الباقي قد خلص من النفقات الداخلة في وعاء الثلث أو الربع، ولم يذكر متى يكون الحكم بوجوب نصف العشر، مع العلم أن هذا الحكم هو قسيم للعشر في المقدار الواجب في زكاة الحرث.

وتوقف النظر الفقهي المعاصر في هذه الإشكالية واحتاج إلى البحث، قصد إيجاد التكييف الشرعي المناسب، فنشأ في المسألة قول ثالث نبينه فيما يلي:

الثالث: يرى السادة الفقهاء المعاصرون أن النفقات (الواجبة والمندوب إليها كما قسمها القاضي ابن العربي) والخارجة عن مجال السقي ترفع من ثلث المحصول أو ربعه- بداءة- وما زاد على الثلث يحمله المزارع.

وهذا من باب إعمال الحديثين عن سهل وعن جابر المتقدمين والوقوف عند نص الثلث وإن زادت النفقات، خلافا لأصحاب القول الثاني وهو قول عطاء ومن معه.

وأما نفقات السقي، فلها وعاء خاص، وهو المقدر بنصف العشر المحطوط من المقدار الواجب في الزراعات البعلية، إذا صارت سقوية، وذلك بعد رفع الثلث الذي يتضمنه حديث سهل بن أبي حثمة لنفقات المزارع وأكله هو ومن معه، ولصدقاته، ولا زكاة إذا لم يكن المتبقي نصابا.


(١) (عارضة الأحوذي على صحيح الترمذي: ٣ /١٤٠- ١٤٤، ط. دار الكتاب العربي- بيروت)

<<  <  ج: ص:  >  >>