ومن المعلوم أن بعض العلماء الأعلام خارج المذهب المالكي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى يتخذان موقفا متميزًا يجعل الثمنية المطلقة علة صالحة وكافية للحكم بربوية النقود، وقد أكدوا ذلك تأكيدا لا يضاهيه إلا موقف القاضي أبو بكر بن العربي رحمهم الله جميعًا حيث قال في " العارضة" عند كلامه على حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ما نصه: "نبه بالبر على ما يقتات في حال الاختيار، وبالشعير على ما يقتات في حال الاضطرار، وبالتمر على القوت الذي يتحلى به كالزبيب والعسل، ونبه بالملح على ما يصلح الأقوات من توابل الطعام. ونبه بالذهب والفضة على ما يتخذ أثمانًا للأشياء وقيما للمتلفات كالفلوس ونحوها. وهذه حكم ما غاص على جوهرها إلا مالك، وقد بيناها في مسائل الخلاف للنظر هنالك، وذكر علماؤنا عن مالك أن علة الربا في النقدين كونهما أثمانًا للأشياء، وقيما للمتلفات، وأنهما علة قاصرة لا تتعدى، وقال مالك: إنها تتعدى إلى ما يتخذه الناس أثمانًا للأشياء، حتى لو اتخذ الناس الجلود بينهم أثمانًا لجرى فيها الربا، وقد رأيت أهل بغداد يتجرون بالخبز، حتى إن الحمام يُدخل به، وبه يبتاع كل إدام، فإذا اجتمع عندهم أوردوه على الخباز باردًا، وباعه بسعر آخر حتى يفنى بالأكل، إذ لا يعاد ثانية إلى الشراء به، فصارت العلة عند مالك معنوية، وهو الصحيح".