للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- نوع من الخوف من التجاوز والافتيات على النصوص، نجد مثالاً له في ترجيح العلة القاصرة على المتعدية على رأي الأستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني إذا صح التعليل بهما "ومن رجح العلة القاصرة احتج بأنها متأيدة بالنص، وصاحبها آمن من الزلل في حكم العلة، فكان التمسك بها أولى" (١) .

٥- أن ثمنية غير النقدين ثمنية مستعارة ومعرضة الزوال في أي لحظة، ومن شأن هذا أن يجعل الثمنية فيه صفة عارضة.

٦- أن التحريم تكليف والتكليف يحتاج إلى ورود النص كحديث ((الطعام بالطعام)) الذي جعل الشافعي رحمه الله يرجع عله الطعمية، ويسهل ذلك على أصحابه المترددين في قبول العلة، وقبول تعديها، ولأن جهة التحريم محصورة، وجهة الإباحة لا حصر لها، فالواقعة إذا ترددت بين الطرفين ووجدت في شق الحصر فذلك، وإلا حكم فيها بحكم الآخر الذي أعفي من الحصر.

٧- في الربا من الخطورة والتحريم ما لو كان قائمًا في هذه المسألة ما ترك بيانها، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] .

أما الفريق الآخر فيعتضد بما يلي:

١- الشريعة جاءت لمصالح العباد ويستحيل أن تحرم شيئًا لمفسدة، وتترك شيئا فيه نفس المفسدة فنظير الحرام حرام (٢) .

٢- التعليل أولى لأنه أكثر فائدة، وترك التعليل خشية، وما في ترجيح العلة القاصرة من الأمن لا وقع له، فإنه راجع إلى استشعار خيفة، لا إلى تغليب ظن وتلويح متلقى من مسالك الاجتهاد (٣) .

٣- إعمال التعليل في أربعة من الستة وتركه في اثنين تحكم، أي ترجيح بلا مرجح.

٤- أن الغلبة الثمنية أصبحت واقعًا للنقود الورقية، فالاعتراف لها بأحكام النقدين إنما هو من تحقيق المناط وليس إحداثًا لاجتهاد جديد إلا بقدر ما يقتضيه تحقيق المناط؛ لأن الحكم كان موجودا معلقًا، وقد تحقق شرطه في جزئيته، فيجب إثبات الحكم.


(١) البرهان: ١٢٦٦.
(٢) ابن القيم. إعلام الموقعين.
(٣) البرهان: ١٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>