٥- أن عدم إجراء الربا فيها تعطيل لحكم يتعلق بمسألة خطيرة من مسائل المعاملات.
وبعد، فإن تصفح كلام العلماء لا شك يساعد على تكوين رأي وإعطاء صورة مميزة لأي موضوع، ذلك هو الهدف وراء مراجعة كلام الأقدمين والمتأخرين، ومقارنة أقوال المحللين والمحرمين.
إلا أن النتيجة الأولى التي يمكن أن يخرج بها المرء بعد أن طالع أقوال الفقهاء، هي ملاحظة الاضطراب الواضح عند أكثرهم في هذه المسألة، فلا يكاد أحدهم يبرم رأيا إلا كر عليه بالنقض، ولا يبسط وجها إلا عاد عليه بالقبض، وهكذا دواليك، حتى يقول القارئ: حنانيك بعض القول أهون من بعض، والفلوس إلا تكن عينًا فإنها ليست غير عرض ((ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) .
والشبهة بدون شك قائمة إذ حدها: ما تجاذبته الأدلة، أو أشبه أصلين دون قياس علة مستقل، وهنا تجاذب هذه القضية العفو، وهو أصل يرجع إليه عند سكوت الشارع، وعدم ثبوت سبب أو قيام مانع لحديث:((وما سكت عنه فهو عفو فاقبلو من الله عافيته، فإن الله لم يكن ينسى شيئًا. ثم تلا هذه الآية:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[مريم: ٦٤] )) (١) .
(١) أخرجه البزار في مسنده، والحاكم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال البزار: إسناده صالح.