للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل الثاني: هو شبه النقود الورقية بالعين لوجود علة مظنونة وحكمة مقدرة، وقد أجمل الفخر الرازي حكمة الربا في أربعة أسباب:

١- أولهما أنه أخذ مال الغير بغير عوض.

٢- ثانيهما: أن في تعاطي الربا ما يمنع الناس من اقتحام مشاق الاشتغال في الاكتساب؛ لأنه إذا تعود صاحب المال أخذ الربا؛ خف عليه اكتساب المعيشة، فإذا فشى في الناس أفضى إلى انقطاع منافع الخلق؛ لأن مصلحة العالم لا تنتظم إلا بالتجارة والصناعة والعمارة.

٣- الثالث: أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس بالقرض.

٤- الرابع: أن الغالب في المقرض أن يكون غنيًا، وفي المستقرض أن يكون فقيرًا، فلو أبيح الربا لتمكن الغني من أخذ مال الضعيف (١) .

وعلله الشيخ ابن عاشور بأنه حكم معلل بالمظنة.

أن كثرة العلل قد يدل على صعوبة التعليل، وفي التعليل بالمظنة خروج من المأزق، وكل ذلك يدل على صعوبة مركب القائسين وتوجه وجه حكم بين حكمين، لاشتباه الشبه في أوجه السالكين، فالشبهة تنشأ عن أسباب منها كون النص خفيا وورود نصين متعارضين، ومنها ما ليس فيه نص صريح، وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس، فتختلف أفهام العلماء في هذا كثيرا" (٢) .

ومعلوم أن موضوعنا لا يوجد فيه نص خفي أو ظاهر، فضلا عن وجود نصين متعارضين، فهو بالطبع من النوع الثالث الذي يؤخذ من القياس، وقد اختلف فيه العلماء، فهو إذًا شبهة، فما هو حكم الشبهة؟

وقد فسر الإمام أحمد رحمه الله الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام (٣) .

وقال الماوردي "هي المكروه؛ لأنه عقبة بين الحلال والحرام" (٤) .


(١) التحرير والتنوير للشيخ ابن عاشور: ٣/٨٥-٨٦.
(٢) جامع العلوم والحكم. ابن رجب: ٦٠.
(٣) نفس المصدر ٦١.
(٤) الشبرخيتي على الأربعين النووية: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>