فإذا كان الأمر على ما ذكرت، والإمام مالك يصرح بالكراهة، ومن أصول مذهبه قيام حكم بين حكمين، والأئمة الآخرون لا يكرهون، فأنا أكره ما كرهه مالك رحمه الله، والكراهة حكم من الأحكام الخمسة يجب أن يعاد إلى حياة المسلمين العملية في بيوعهم وأنكحتهم، فيمتاز أهل الورع عن غيرهم، ويترك لذي الحاجة مندوحة عن ارتكاب الأثم السافر، إلا أنها كراهة تحريم شديدة، والله أعلم.
وكأني بقائل يقول: أحللت الربا، وأنا أقول ما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أفتى في الخمر بأنها إذا طبخت وتخللت حتى ذهبت شدتها يجوز شربها، فقال له قائل: احللتها ياعمر. فقال: والله لا أحل إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم الله، والحق أحق أن يتبع".