للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد علي القري بن عيد:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

أولا: مسألة التفريق بين القيمة الاسمية والقيمة السوقية بين زكاة عروض التجارة تكون سلعا وعروض تجارة وتكون أسهما، فقد قال بها البعض: لماذا عندما يكون عندي سيارات- على سبيل المثال وهي عروض تجارة- أقوِّمها بقيمتها السوقية، بينما عندما تكون عندي أسهما عروضا للتجارة أزكي بحسب قيمتها الاسمية؟ نريد أن نعرف ما هو مستند التفريق بين هذين النوعين من عروض التجارة؟

إن القيمة الاسمية مفهوم محاسبي ليس موجودا في الواقع ولا أهمية له، ولا أحد يبيع أو يشتري بـ القيمة الاسمية، فلماذا نزكي بـ القيمة الاسمية؟

أما القول: إن القيمة السوقية في الأسهم تتأثر بالمضاربات وتختلف باختلاف الأسواق، فهذا صحيح حتى في السلع، فانظر إلى البترول كيف يتأثر باختلاف الأسواق وبالمضاربات وما إلى ذلك، ولم يقل أحد: نزكي البترول بـ القيمة الاسمية أو من غيره من السلع الأخرى.

النقطة الثانية: يجب أن ندرك أهمية الأسهم وأهمية الشركات المساهمة في يوم الناس هذا، إن الشركات المساهمة هي الاقتصاد الوطني وبخاصة والعالم كله يتجه اليوم إلى ما يسمى بـ اقتصاديات السوق، حيث ينهض القطاع الخاص بتحقيق التنمية وبتوليد الوظائف وإنتاج السلع والخدمات، وهذه الشركات هي ثروة البلاد الحقيقية، والاقتصادات متجهة إلى أن تكون أكثر ثروات أفراد الناس إنما هي في الأسهم وامتلاك الشركات.

وقد اجتمع في هذا المجلس الموقر صفوة علماء الأمة واذكياؤها، ومع ذلك فإننا لا نكاد نتفق على الأشياء الأساسية المتعلقة بعمل الشركات ودقائق أمورها المالية كما ظهر في النقاش لكم جميعا، فكيف نتوقع من الإنسان العادي أن يعرف كل ذلك وأن يخرج زكاته بناء على هذه المفاهيم الغامضة التي لم نتفق عليها؟

لا يجب أن نتصور أن جميع المسلمين يحملون شهادات الدكتوراه، ومع ذلك فإن كثيرا من المسلمين - بما فيهم من يكون أميا - يملك أسهم الشركات بصفة يحتاج فيها إلى أن يخرج الزكاة.

إننا أحوج ما نكون إلى مسح ميداني نسأل فيه الناس العاديين المستثمرين في الشركات عن مدى فهمهم للشركة، وعن فهمهم لمفاهيم كـ القيمة الاسمية والحقيقية والسوقية والأصول الثابتة والمتداولة.

لا أحد يفهم هذه الأمور، ولو كانت الصلاة أو الصيام أو الحج بهذا التعقيد بحيث لا يكاد يفهمه إلا من حمل شهادة الدكتوراه أَتُرَى الناس يقيمون أركان الدين؟ نحن نحتاج إلى نظر جديد للأسهم، وأن يكون التطبيق مطلبا لما نحن بصدده. ننظر إلى المقاصد العامة ثم نسلك أبسط وأسهل الطرق وأيسرها بدون أن نخالف الدليل أو نخرج عن الإجماع، ويجب أن ندرك أن كل هذا الذي وقعنا فيه إنما هو راجع إلى تكييفنا السهم أنه حصة مشاعة في موجودات الشركة، وهذا تعريف غير صحيح، وهو الذي أدى إلى كل هذه الإشكالات، إن إعادة طرح الموضوع مطلوبة، ولكن هذه الإعادة يجب أن تكون شاملة وأساسية.

ولكم الشكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>