للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة هذا النوع من الشركة

حسب هذا التصور الذي أوردته فيما تقدم تكون هذه الشركة شركة ملك، وليست شركة عقد، لأن موضوع الشركة هنا عين معينة كعقار أو مصنع أو طائرة أو سفينة أو غيرها.

وشركة الملك هي:

أن يختص اثنان فصاعدا بشيء واحد، أو ما هو في حكمه، مثال الشيء الواحد: الدار الواحدة أو الأرض الواحدة أو ما شابه ذلك، تثبت فيها شركة الملك بين اثنين إذا اشترياها، أو ورثاها أو انتقلت إليهما بأي سبب آخر من أسباب الملك كالوصية والهبة والصدقة.

ومثال الذي في حكم الشيء الواحد: المتعدد المختلط، بحيث يتعذر أو يتعسر تفريقه لتتميز أنصبائه كأن يكون لكل واحد إردب من القمح أو لأحدهما إردب من القمح وللآخر إردب من الشعير، أو الكيسان من الدنانير ذات السكة الواحدة فيختلطان معا طواعية أو اضطرارا، كأن انفتق الكيسان المتجاوران، فتثبت في هذا المخلوط شركة ملك لكل واحد منهما بقدر ما لكل واحد منهما في هذا المخلوط من المقدار الذي يملكه قبل حدوث هذا الاختلاط.

فشركة الأملاك نوعان: نوع يثبت بفعل الشريكين، ونوع يثبت بغير فعلهما.

أما الذي يثبت بفعلهما فنحو أن يشتريا شيئا معا، أو أن يوهب لهما، أو يُوصَّ لهما، أو يتصدق به عليهما فيقبلان، فيصير المشترى والموهوب والموصى به، والمتصدق به، مشتركا بينهما شركة ملك.

وأما الذي ثبت بغير فعلهما فكالميراث، بأن ورثا شيئا، فيكون الموروث مشتركا بينهما شركة ملك.

وأما حكم شركة الأملاك، فحكمها في النوعين واحد، وهو أن كل واحد من الشريكين كأنه أجنبي في نصيب صاحبه، لا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه، لأن المطلق للتصرف هو الملك أو الولاية، وليس لكل واحد منهما في نصيب صاحبه ولاية بالوكالة أو القرابة، ولم يوجد شيء من ذلك، وسواء كانت الشركة في العين أو الدين، لما قلنا (١) .

ولكي نبين حكم كل نوع من أنواع الشركة المتناقصة موضوع البحث نوضح القواعد العامة التي يمكن على ضوئها أن نبين ما يصح من الصور المثارة حول هذا الموضوع وما لا يصح.


(١) (البدائع: ٦/ ٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>