للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعرض الحنفية لمسألتين هامتين:

المسألة الأولى: هي حكم نقض الإجارة المضافة إلى زمن مستقبل قبل مجيء الزمن المضافة إليه؟ وقد اختلفوا في ذلك، والأصح عند شمس الأئمة السرخسي أن الإجارة المضافة لازمة قبل وقتها، أي أنها تنعقد لازمة بمجرد صدور الصيغة مستوفية لأركانها وشروطها.

كما بينوا حكم لزوم عقد الإجارة أثناء المدة السابقة على مدة الإجارة المتفق عليها فقالوا:

(إذا أضاف الإجارة إلى وقت في المستقبل بأن قال: آجرتك داري هذه غدا أو أشبهه فإنه جائز، فلو أراد نقضها قبل مجيء ذلك الوقت؛ فعن محمد - رحمه الله تعالى- روايتان:

في رواية: لا يصح النقض (أي لأنها لازمة) ، وفي رواية قال: يصح النقض، وهذا يدل على أنها غير لازمة، كذا في المحيط.

ثم قال: (رجل قال لغيره: آجرتك دابتي هذه غدا بدرهم، ثم آجرها اليوم من غيره إلى ثلاثة أيام، فجاء الغد، وأراد المستأجر الأول أن يفسخ الإجارة الثانية، في حكمها روايتان عن أصحابنا:

في رواية: للأول أن يفسخ الإجارة الثانية (أي لأنها صدرت لازمة) ، وبه أخذ نصير. وفي رواية: ليس له أن يفسخ (أي لأنها غير لازمة) وبه أخذ الفقيه أبو جعفر، والفقيه أبو الليث، وشمس الأئمة الحلواني، وهو قول عيسى بن أبان وعليه الفتوى.

* وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى: الأصح عندي أن الإجارة المضافة لازمة قبل وقتها، فلا تظهر الثانية في حق المستأجر الأول، هذا إذا كانت الأولى مضافة إلى الغد، ثم آجر إلى غيره إجارة ناجزة.

(أما لو كانت الإجارة مضافة إلى الغد ثم باع من غيره، ذكر في المنتقى فيه روايتان:

في رواية قال: ليس للآجر أن يبيع قبل مجيء الوقت، وفي رواية قال: إذا باع أو وهب قبل مجيء الوقت جاز ما صنع، وعليه الفتوى على أنه ينفذ البيع وتبطل الإجارة المضافة) وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني، ثم إذا نفذ بيعه، فإن رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل مجيء وقت الإجارة عادت الإجارة على حالها، وإن عادت بملك مستقبل لا تعود الإجارة، كذا في فتاوى قاضي خان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>