للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الأولى: بيع الوفاء، وهو البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري المبيع إليه، وسمي بيع الوفاء، لأن المشتري يلزمه الوفاء بالشرط (١) .

وقد اختلف الفقهاء في حكمه: فذهب جمهور الفقهاء المالكية والحنابلة، والمتقدمون من الحنفية والشافعية إلى أن بيع الوفاء فاسد، لأن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدوام، وفي هذا الشرط منفعة للبائع، ولم يرد دليل معين يدل على جوازه، فيكون شرطا فاسدا يفسد البيع باشتراطه فيه، ولأن البيع بهذا الشرط لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء، وإنما يقصد من ورائه الوصول إلى الربا المحرم، وهو إعطاء المال إلى أجل، ومنفعة المبيع هي الربح، والربا باطل في جميع حالاته.

وذهب بعض المتأخرين من الحنفية والشافعية إلى أن بيع الوفاء جائز مفيد لبعض أحكامه، وهو انتفاع المشتري بالمبيع- دون بعضها- وهو البيع من آخر. وحجتهم في ذلك أن البيع بهذا الشرط تعارفه الناس، وتعاملوا به لحاجتهم إليه، فرارا من الربا، فيكون صحيحا لا يفسد البيع باشتراطه فيه، وإن كان مخالفا للقواعد، لأن القواعد تترك بالتعامل، كما في الاستصناع، كما عبر الحنفية (٢) .

الصورة الثانية: اختلف الفقهاء في حكم مسألة يتم فيها البيع في المستقبل بثمن محدد من الآن، وهي:

(إذا شرط البائع على المشتري أنه إذا أراد بيع الجارية المبيعة كان البائع أحق بها بالثمن الأول) ولهم في حكمها ثلاثة آراء:


(١) ويسميه المالكية (بيع الثنيا) ، والشافعية (بيع العهدة) ، والحنابلة (بيع الأمانة) ، ويسمى أيضا (بيع الطاعة) ، و (بيع الحائز) ، وبعض الحنفية سماه (بيع المعاملة) . راجع مجلة الأحكام العدلية، مادة ١٠٥، والحطاب: ٤/ ٣٧٣؛ وكشاف القناع: ٣/ ١٤٩- ١٥٠؛ والفتاوى الهندية: ٣/ ٢٩٥؛وحاشية ابن عابدين: ٤/ ٢٤٦- ٢٤٧، ط. بولاق؛ وبغية المسترشدين، ص ١٣٣)
(٢) (تبيين الحقائق، للزيلعي: ٥ /١٨٤؛ والبحر الرائق: ٦/ ٨؛ والفتاوى الهندية: ٣/ ٢٠٨، ٢٠٩؛ وابن عابدين: ٤/ ٢٤٦؛ والإقناع: ٣/ ٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>