*أرى أنه لما كانت الأجرة تستحق شيئا فشيئا حسب استيفاء المنفعة (كما سبق أن بينا) ، وأن استيفاء المنفعة طوال مدة عقد الإجارة غير متيقن؛ إذ إن عقد الإجارة مرتبط بالعين المؤجرة، فإذا بقيت بقي عقد الإجارة، وإذا هلكت انفسخ عقد الإجارة، كما أن عقد الإجارة قد ينفسخ بأسباب أخرى: منها وجود مانع يمنع من الانتفاع بالعين المؤجرة، كما إذا غصبت هذه العين، أو وجد خوف عام - كهجوم عدو على البلد ومحاصرة أهلها- بحيث لا يتأتى للمستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب ذلك، كما أجاز الحنفية- خلافا لجمهور الفقهاء- فسخها بموت أحد العاقدين أو كلاهما ... ، أو وجود عذر خاص يمنع من استمرار المستأجر في الإجارة إلا بضرر يلحقه، إذ الأصل عند الحنفية أنه كما تفسخ الإجارة بالعذر تبقى بالعذر، وضابط العذر عندهم هو ما يترتب على صاحبه ضرر لا يرضى به (١) .
فإذا كان استيفاء المنفعة من هذه العين غير متيقن طوال مدة الإجارة كما ذكرنا، فإن الأجرة المرتبطة باستيفاء هذه المنفعة تكون غير متيقنة، وإذا لم تكن متيقنة تكون محتملة، واحتمالها يورث جهالة، وإذا كانت مجهولة لا يصح أن تكون ثمنا، لأن من شرط الثمن أن يكون معلوما، وإلا فسد العقد.
*أما لو حددا الثمن في العقد، واتفقا على أنه مؤجل إلى أجل محدد، فإنه يجب الثمن في ذمة المشتري، وعلى المشتري أن يدفعه إلى البائع عند حلول الأجل، سواء أدفعه مما حصله من أجرة العين المشتركة، أم من غيرها.