للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث

المشاركة المتناقصة

(حقيقتها- صورها- مجالات تطبيقها)

تعريف المشاركة المتناقصة:

(٦) هي اتفاق طرفين على إحداث (إنشاء) شركة ملك بينهما في مشروع أو عقار أو منشأة صناعية أو غير ذلك، على أن تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين (الممول) إلى الآخر تدريجيا بعقود بيع مستقلة متعاقبة. وقد عرفها بعض الفقهاء المعاصرين بأنها: (شركة يعطي المصرف فيها الحق للشريك في الحلول محله في الملكية، دفعة واحد، أو على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها) (١) . غير أن هذا التعريف لا يكشف حقيقة هذه المشاركة، وفكرتها الأساسية، والغرض الذي تهدف إليه، باعتبارها لونا من الأساليب الجديدة التي استحدثتها المصارف الإسلامية لاستثمار أموالها، وتلبية حاجات العملاء التمويلية بمنأى عن القروض الربوية، وقد أوضح الدكتور القري هذه المعاني بقوله: (والمشاركة المتناقصة صيغة تمويل تعتمد على اشتراك المصرف مع أحد عملائه في شراء أصل من الأصول المنتجة، كطائرة أو عقار أو شركة قائمة.. الخ، والغرض من صيغة المشاركة المتناقصة أن تكون بديلا عن القرض الربوي، حيث يقدم المصرف الائتمان لعملائه على غير أساس الفائدة.

ومن المعلوم أنه عندما يحتاج أحد عملاء المصرف إلى التمويل لشراء أصل من الأصول الكبيرة (مثل العقار أو الطائرة أو السفينة أو البضائع.. إلخ) فإنه يمكن له أن يقترض الثمن من البنك التقليدي الذي يعمل بالفائدة، ثم يشتري ما يريد بذلك المبلغ نقدا، ويسدد إلى المصرف الدائن القرض وفوائده، كما يمكنه أن يحصل على التمويل من المصرف الإسلامي للغرض ذاته، ولكن على أساس المشاركة المتناقصة، وليس القرض.

وصفة ذلك: أن ينشئ المصرف والعميل شركة ذات طبيعة خاصة وغرض محدد، هو شراء ذلك الأصل المطلوب، وتسمى (مشاركة) ، ويشتركان في رأس مالها، فيدفع العميل نسبة ضئيلة لأنه لا تتوفر عنده السيولة الكافية) مثل (٥ %) أو أكثر أو أقل، ويدفع المصرف النسبة الباقية. عندئذ يصبح هذا الأصل بعد الشراء ملكا للطرفين بنسبة مساهمة كل منهما في رأس المال. ولما كان غرض العملية هو امتلاك ذلك العميل للأصل، وليس للمصرف رغبة في الإبقاء عليه في ملكه، يتفق الطرفان على قيامه (أي العميل) بشراء نصيب المصرف في المشاركة المذكورة (والمتمثلة في حصة مشاعة في ذلك الأصل) بصفة متدرجة، فإذا كان العميل يرغب في دفع الثمن على مدى عشر سنين مثلا، جعلت حصة المصرف عشر شرائح، وكل شريحة تمثل (١٠ %) ، ويتفق الطرفان على شراء ذلك العميل لعشر حصة المصرف، أي لشريحة واحدة، في كل سنة، واستئجار النسبة الباقية المملوكة للمصرف، إذا كان العميل يقطن في العقار، وإذا لم يكن جرى تأجيره لثالث، واقتسم إيجاره بين الطرفين) (٢) .


(١) (المعاملات المالية، للدكتور شبير، ص ٢٩٢، نقلا عن: الاستثمار، لأميرة مشهور، ص ٢٨٦)
(٢) (العقود المستجدة، ضوابطها ونماذج منها، للدكتور محمد القري، العدد العاشر: ٢/ ٥٥٤ من مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة.)

<<  <  ج: ص:  >  >>