للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى العلامة ابن القيم عن جمهور أهل العلم أنه لا فرق بين الشرط المتقدم والمقارن، إذ مفسدة الشرط الفاسد المتقدم لم تزل بتقدمه وإسلافه، ومفسدته مقارنا كمفسدته متقدما ولا فرق (١) .

ز- عدم صحة الأخذ والتعويل على ما ذهب إليه الحنفية والشافعية في المشهور من أن المواضعة والمواطأة والمواعدة المتقدمة وكذا الشرط المتقدم لا تعتبر كالمقارنة، ولا يلزم الوفاء بها، ولا تأثير لها على المعاقدة، ولا عبرة لما جاء فيها (٢) . وذلك لعدم إمكان تحقيق المناط وهو: (أن ما قبل العقد لغو لا يعتد به ولا تلزم مراعاته) في الفرع، إذ إن المفاهمة والمواطأة والمشارطة التي تسبق الاتفاقيات المستجدة تعتبر جزءا منها (وتلزم مراعاتها، وذلك لقيامها وابتنائها على نظام مرتبطة أجزاؤه ببعض، وضع لأداء وظيفة محددة باجتماع مزيج من عقود ووعود وشروط معتبرة في صفقة واحدة لا تقبل التفكيك والتجزئة والانفصال.

(٥) وبناء على ما تقدم، فإنه يترجح عندي القول بأن المواطأة السابقة (التفاهم) على العقود المجتمعة في صفقة واحدة تعتبر ملحقة بالاتفاقية المبرمة بينهما أو جزءا منها، كما أنه يعد في حكم المواطأة اللفظية المواطأة العرفية (٣) . ويترتب على هذا الأساس أن الاتفاقية على العقود المجتمعة في صفقة واحدة مضافا إليها التفاهم المسبق، وما في حكمه من المواطأة العرفية، إذا كانت محل نهي في نص شرعي، أو ترتب على ما اجتمع فيها من عقود ووعود وشروط توسلٍ بما هو مشروع إلى ما هو محظور، كالربا والغرر والجهالة الفاحشة، أو كانت متناقضة متنافرة في أحكامها أو آثارها، فإنها تعتبر بجملتها محظورة شرعا، ولو كان كل عقد أو وعد أو شرط فيها جائزا بمفرده، إذ قد دل الاستقراء من الشرع على أن للاجتماع تأثيرا في أحكام لا تكون في حالة الانفراد، مما يجعل للانفراد حكما ليس للاجتماع، وللاجتماع حكما ليس للانفراد (٤) . والله أعلم.


(١) (إعلام الموقعين: ٣/ ١٤٥)
(٢) (انظر: جامع الفصولين: ٢ /٢٣٧؛ الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ٤/١٠٨؛ وقد جاء في المجموع للنووي (٩ /٢٧٤) : (وأما الشرط السابق فلا يلحق بالعقد، ولا يؤثر فيه، فلا يلزم الوفاء به، ولا يفسد العقد به إن كان شرطا فاسدا، لأن ما قبل العقد لغو هكذا نص عليه، وقطع به الأصحاب)
(٣) (إعلام الموقعين: ٣/ ٢٤١، ٢٤٢)
(٤) (انظر: الموافقات للشاطبي: ٣/ ١٦١، ١٦٢.)

<<  <  ج: ص:  >  >>