الخاتمة
وتتضمن أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث، وهي:
(١) إن من أبرز العقود المستجدة في العصر الراهن الاتفاقيات الجامعة التي تشتمل على وعود وعقود مسماة متعددة في صفقة واحدة، بحيث تعتبر موجبات نلك العقود والوعود، وجميع الحقوق والالتزامات المترتبة عليها جملة واحدة، لا تقبل التفريق والتجزئة، بمثابة آثار العقد الواحد.
(٢) والأصل الفقهي أن كل صفقة تضمنت عقودا ووعودا جائزة شرعا عند الانفراد، أن تكون كذلك عند الاجتماع، ما لم يكن هناك مانع شرعي خاص من اجتماعها. والموانع الشرعية من ذلك ثلاثة:
أ- أن يكون الجمع بينها محل نهي في نص شرعي.
ب- أن يترتب على الجمع بينها توسل بما هو مشروع إلى ما هو محظور.
ج- إلا تكون آحادها متضادة وضعا أو متناقضة حكما.
(٣) وتعتبر المواطأة (المفاهمة) السابقة للعقود والالتزامات المجتمعة في صفقة واحدة مرتبطة بالاتفاقية الجامعة لها، ومؤثرة على حكمها التكليفي والوضعي، ولو لم يصرح بها حال التعاقد، ما دامت الاتفاقية معتمدة عليها، كما أنه يعتبر في حكم المواطأة اللفظية المواطأة العرفية.
(٤) وتُعَرَّف (المشاركة المتناقصة) بأنها: (اتفاق طرفين على إنشاء شركة ملك مؤقتة بينهما في عقار أو مشروع أو غير ذلك، تنتهي بانتقال حصة أحد الشريكين (الممول) إلى الآخر تدريجيا بعقود بيع مستقلة متعاقبة) .
وهي تقوم على نظام مرتبطة أجزاؤه ببعضها، وضع لأداء وظيفة تمويلية محددة مستحدثة، ولهذا فهي ليست مجرد شركة في شراء، أو لإجارة عين، أو بيع حصة لشريك، ولكنها مزيج من ذلك كله، وفقا لشروط تحكمها كمعاملة واحدة لا تقبل التفكيك والانفصال.
(٥) وتتعلق بهذه المعاملة المتكاملة الأحكام الشرعية الآتية:
أ- تعتبر المواطأة (المفاهمة) السابقة على إبرام اتفاقيتها مرتبطة بها وجزءا منها.
ب- تعتبر الوعود التي تشتمل عليها ملزمة للطرفين.
جـ- يقسم الريع أو الربح العائد من تأجير محلها لطرف ثالث أو استثماره لصالحهما بين الطرفين بحسب حصصهما في ملكيته، وكذلك الخسارة أو التلف اللاحق به.
(٦) يجوز التعامل باتفاقية (المشاركة المتناقصة) إذا توافرت الشروط الآتية:
أ- ألا تتضمن المفاهمة أو المواعدات السابقة لإبرام عقود البيع السابقة المتتالية تحديدا لثمن الحصة الموزعة عليها، إذ يجب ترك تحديده إلى وقت إبرام كل عقد بيع مستقل في أجله وفقا للقيمة السوقية (ثمن المثل) .
ب- أن تنشأ وتبرم الوعود ثم العقود المجتمعة فيها متتالية متعاقبة منفصلة، احترازا من الوقوع في بعض المحظورات الشرعية كالبيع المضاف إلى المستقبل، وتأجير وبيع ما لا يملك الشخص من الأعيان، والبيع بثمن مجهول.
جـ- اشتراك الطرفين (المموِّل والعميل) في تحمل تبعة الخسارة في حال وقوعها بحسب حصصهم في الملك، مقابل استحقاقهم للأرباح والعوائد إن تحقق شيء من ذلك خلال فترة المشاركة.