وفي بحثي عن سندات المقارضة الذي قدمته لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة عند دراستي للأساس الفقهي لهذه السندات بخصوص تصوير العلاقة الحقوقية التي تقوم بين المكتتبين فيها والجهة المصدرة لها، ومعرفة مدى انطباقها على القواعد المقررة في الفقه الإسلامي، بينت أن هذه السندات باعتبارها صورة من صور التعامل الجديد لا تتضمن تحليلا لحرام أو تحريما لحلال، وإنها يتجاذبها عند الباحثين أساسان من أسس التعامل، وهذان الأساسان هما: عقد المضاربة، وعقد الشركة ... حيث أوضحت أن المراد بذلك المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك على خلاف وتفصيل بينته هناك (١) . وواضح أن طبيعة هذا العقد تقوم على تداخل بين مجموعة عقود تأخذ بعضها برقاب بعض، فهناك عقد شركة يقوم بين الشريك وطالب التمويل في مشروع معين، وهناك وعد من البنك يلتزم فيه ببيع أجزاء من حصته بشكل تدريجي بقدر المال الذي دفعه لإقامة المشروع على أساس نسبة من الدخل الذي يتحقق للمشروع، يأخذها البنك لغرض سداد هذا المال بصرف النظر عن القيمة السوقية التي أصبح المشروع يساويها، ويلتزم البنك بذلك من منطلق أن اتفاقه مع طالب التمويل أعطاه الحق في نسبة من دخل المشروع ربحا يتحقق له، ومنها عقود الاستثمار لهذا المشروع ليحقق دخلا يجري اقتسامه بنسب متفاوتة على ضوء دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وقد جرى تحديد هذه النسبة على أسس اقتصادية سليمة تجعل مما يتحقق من هذه النسبة ربحا معقولا يناله البنك من تمويله هذا المشروع ...