بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، فأشكر جميع الباحثين الذين تقدموا بأبحاث قيمة في هذا الموضوع واستفدت من هذه الأبحاث، وخاصة من بحث أخينا الحبيب الدكتور نزيه حماد، حفظه الله تعالى، فإنه قد تناول جميع الموضوعات المتعلقة بموضوع الشركة المتناقصة وتعرض لها من فهم دقيق، فجزاه الله تعالى خيرا.
النقطة الأولى: هي أن المشاركة المتناقصة نوع من العقود المركبة فهو إحداث الشركة أولا، وإدارة ثانيا، وبيع تدريجي ثالثا. فأول قضية تعرض لفقيه قبل أن يفتي بجوازها هي: هل يجوز اشتراط عقد في عقد؟ وهناك منهجان مختلفان في حل هذه القضية:
أما المنهج الأول الذي اختاره بعض الفقهاء المعاصرين: هو أن يكون كل عقد من هذه العقود يبرم في حينه مستقلا عن الآخر، وإن هؤلاء الفقهاء لا يرون بأسا في أن يكون هناك تفاهم مبدئي لإنشاء هذه العقود واحدا تلو الآخر، ما دام كل عقد يعقد في حينه غير مشروط فيه العقد الآخر.
والمنهج الثاني الذي سلك في معظم الأبحاث المعروضة كبحث سيادة الدكتور نزيه- حفظه الله- وقد جاء بثلاثة شروط لجواز العقود المركبة، وتوصل إلى أن هذه الشروط متوافرة في المشاركة المتناقصة.
فالذي يبدو أنه يقول بجواز أن تكون بعض هذه العقود مشروطة في الآخر، وذهب فضيلته إلى أن التواطؤ السابق لا أثر له في إبعاد العملية من اشتراط عقد في عقد، وأن ذلك يعتبر كالمشروط في العقد، لأن ذلك ملحوظ للعاقدين عند العقد.
وملاحظتي في هذا الاتجاه أن هذه الشروط الثلاثة جيدة، والتقيُّد بها لازم، ومع ذلك فلا أرى أن تكون هذه الشروط مجوزة لاشتراط عقد في عقد، وإنما يجب أن تكون هذه العقود منفصلة تماما، سواء كان الفريقان تفاهما على ذلك في البداية. وأما ما ذكره من حكم التفاوض أنه ينطبق عليه اشتراط العقد فإن لي فيه نظرًا من وجهين: