أما الأول: فإن معظم الفقهاء منعوا من اشتراط عقد في عقد آخر، كما هو معروف حتى عند توافر هذه الشروط الثلاثة.
وأما الوجه الثاني: فإن الحكم يكون....السابق ملحقا بأصل العقد فلا شك أنه قول لجمع من الفقهاء، ولكن الفقهاء الآخرين فرقوا بينهما كما في قضية بيع الوفاء، حيث ذكر فقهاء الحنفية والمالكية أن ذلك يجوز إذا كان بوعد سابق، ما دام أن شرط الوفاء لا يذكر في صلب العقد. والذين فرقوا بين الأمرين إنما فعلوا ذلك لأن الشرط إذا كان مذكورا في صلب العقد فإنه يجعل العقد معلقا على تحقق الشرط، بمعنى أنه إذا لم يتحقق الشرط بطل العقد، فمن باع شيئا بشرط الإجارة مثلا فكأنه علق البيع على وجود الإجارة فيما بعد، فإذا لم توجد الإجارة لم يتحقق البيع. ومعلوم أن عقود المعاوضة لا تقبل التعليق. أما إذا كان هناك وعد سابق العقد فإنه لا يجعل العقد معلقا على وفائه وغايته إذا كان ملزما أن يحول الواعد الضرر الذي ألحقه بالموعود له ولكن العقد يتم، بالرغم من أن البعض لم يفرق.
ولذلك أرى أن تخرج المشاركة المتناقصة على أساس عقود مستقلة تنجز في حينها بدون أن يكون أحدها مشروطا بالآخر.
النقطة الثانية: قد ذكر فضيلة الدكتور نزيه- حفظه الله- أن المشاركة المتناقصة اسم من شركه ملك وليس من قبيل شركة عقد. وإني أرى أنه كان موفقا في هذا التكييف فيما إذا كانت هذه الصيغة استخدمت لتمويل المساكن أو لتمويل السيارات التي يستعملها العميل لنفسه، أما إذا كان المقصود بهذه الصيغة الاستثمار في المستغلات أو في مشروع تجاري فالظاهر أنها تصبح شركة عقد ولا تبقى شركة ملك، وفي هاتين الحالتين لا يجوز أن يقع الشراء التدريجي لحصة البنك بثمن محدد سابقا لأنه يستلزم أن يضمن شريك لشركة العقد رأس مال للشريك الآخر. أما إذا اعتبرنا الشركة المتناقصة شركة ملك كما هو الظاهر في تمويل المساكن والسيارات فالذي يظهر لي- والله سبحانه أعلم- أنه يمكن أن يجوز الشراء بثمن محدد سابقا، لأن هذا النوع من الشركة لا يستهدف بها المشاركة في الربح والخسارة، فيجوز لأحد الشريكين في شركة الملك أن يَعِدَ الآخر بشراء حصته بثمن متفق عليه بينهما عند الوعد. وقد يكون فيه حل للمشكلة التي ذكرها أخونا الدكتور محمد علي القري، حفظه الله.
أما القول بأن تحديد الثمن في مرحلة الوعد يجعله بيعا مضافا إلى المستقبل فلا أرى ذلك واردا، فإن في المرابحة للآمر بالشراء يتحدد الثمن في مرحلة الواعد، ومع ذلك فإنه لم يعتبر بيعا مضافًا للمستقبل وقد أجازه المجمع.
ثم تحديد القيمة السوقية في المساكن والسيارات عند بيع كل حصة في حينه من الصعوبة بمكان. وهناك ناحية أخرى وهي أننا لو جعلنا وعد العميل بالشراء ملزما ولم نحدد الثمن ولا المعيار المضبوط الذي يتحدد به الثمن فماذا يقع إذا وقع هناك خلاف بين الطرفين في دفعه للحصة المشتراة؟
فأرجو أن ينظر في قضية تحديد الثمن من هذه الناحية.
والله سبحانه وتعالى أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.