للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاقة بين أرباب الأموال والمضارب:

أما العلاقة بين أرباب الأموال والمضارب، فهي علاقة مضاربة لا خفاء فيها، وقد ذكر الشافعية أنه يجوز أن تتفاوت نسبة ربح المضارب تجاه كل واحد من أرباب الأموال، بمعنى أن يكون ربح العامل من نصيب أحد منهم أقل نسبة من ربحه من نصيب الآخر. فقال البغوي رحمه الله تعالى: (ولو قارض رجلان رجلًا على ألف، فقالا: قارضناك على أن نصف الربح لك والباقي بيننا على السوية جاز، ولو قالا: على أن لك الثلث من نضيب أحدنا والربع من نصيب الآخر، إن لم يبينا لم يجز، وإن بينا نظر، إن لم يقولا: الباقي بيننا صح، ويكون الباقي من نصيب كل واحد له) (١) .

وذكره الإمام النووي رحمه الله بعبارة أوضح، فقال:

(ولو قالا: لك من نصيب أحدنا من الربح الثلث، ومن نصيب الآخر الربع، فإن أبهما لم يجز، وإن عينا وهو عالم بقدر مال كل واحد جاز، إلا أن يشترطا كون الباقي بين المالكين على غير ما تقتضيه نسبة المالين) (٢) .

وقال ابن قدامة، رحمه الله:

(وإن قارض اثنان واحدًا بألف لهم جاز، وإذا شرطا له، ربحًا متساويًا منهما جاز، وإن شرط أحدهما له النصف الآخر الثلث جاز، ويكون باقي ربح مال كل واحدًا منهما لصاحبه) (٣) .

ولم أجد هذا التصريح عند غير الشافعية والحنابلة في تتبعي العاجل، ولكن الظاهر أنه مقبول عند غيرهم أيضًا، لأنه لا يوجد عندهم ما يخالفه، وما دامت النسب المتفاوتة لا تقطع الشركة في الربح، فإنها لا تنافي مقتضى العقد في الظاهر، والله أعلم.


(١) التهذيب، للبغوي: ٤/ ٣٨٢.
(٢) روضة الطالبين، للنووي: ٥/ ١٢٥، وهذا الاستثناء جار على مذهب الشافعية الذين لا يجوزون تفاوت نسب الأرباح فيما بين الشركاء، ومثله في نهاية المحتاج: ٥/ ٢٢٨؛ ومغني المحتاج ٢/ ٣١٥.
(٣) المغني لابن قدامة: ٥/١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>