أما توزيع الربح على أساس الإنتاج اليومي، فإنه وإن لم يكن توزيعًا للربح الذي نتج فعلًا على كل مال على حدة، ولكنه توزيع للربح التقديري الذي حصل على مجموع الأموال في فترة واحدة، وذلك على أساس التراضي بين الشركاء منذ أول نشأة الشركة، في حين أنه لا يوجد للتوزيع أساس عادل سواه في مثل هذه العمليات.
ويوجد لمثل هذا الأساس نظيران في الأنواع القديمة للشركة أيضًا:
أما النظير الأول: فهو شركة الأعمال، ويسمى شركة الأبدان وشركة التقبل أيضًا، وهو أن يشترك رجلان في تقبل الأعمال لغيرهما على أن ما يحصلان عليه من الأجرة يكون بينهما على ما شرطا، وقد صرح الفقهاء بأن ذلك جائز وإن كانت أعمالهما متفاوتة في الكمية والكيفية، فلو اشترط المشاركان أن الأجرة الحاصلة تنقسم عليهما نصفين، فإن كل واحد منهما يستحق النصف، وإن كان عمله أقل من النصف، لأن الشركة إنما وقعت على ضمان العمل، وهو مضمون عليهما نصفين. (١)
والنظير الثاني: ما ذهب إليه الحنفية من أن خلط مال الشركاء ليس بشرط لصحة الشركة، ومقتضى ذلك أنه لو كان لأحد الشريكين دراهم وللآخر دنانير، فعقدا الشركة بدون أن يخلطا أموالهما فاشترى كل واحد منهما بمال نفسه على حدة، فإنهما يشتركان في الربح. قال الكاساني:
(واختلاط الربح يوجد، وإن اشترى كل واحد منهما بمال نفسه على حدة، لأن الزيادات وهي الربح، تحدث على الشركة) (٢)
ومقتضى هذين النظيرين أنه لا يجب شرعًا أن يكون ربح كل واحد من الشركاء مبينًا على ما حصل من مساهمته المالية أو العملية فعلًا، بل يجوز أن يتفقا على أساس آخر لتوزيع الربح بينهما.
وعلى هذا، فلو اتفق الشركاء على أساس الإنتاج اليومي لتوزيع الربح بينهما، فإن ذلك لا يبدو مصادمًا لنص من نصوص الشريعة الإسلامية، وإنما هو طريق حسابي مخصوص لجأ إليه الشركاء لفقدان أساس علمي آخر في شركة جماعية مستمرة، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالا.
(١) راجع: بدائع الصنائع، للكاساني: ٦/ ٦٥.
(٢) بدائع الصنائع: ٦/ ٦٠.