للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسترداد:

إن توزيع الأرباح على طريق النمر للفترة الكاملة إنما يمكن إذا كان حساب المرء في البنك مفتوحًا، بمعنى أن يكون له مبلغ في حساب الاستثمار طيلة فترة الحساب، وإن كان هذا المبلغ يزيد وينقص بالسحب والإيداع مرة بعد أخرى. أما إذا أراد المرء أن يغلق حسابه بسحب جميع مبلغه في حساب الاستثمار قبل نهاية الفترة، فهذا هو الاسترداد.

وحكم هذا الاسترداد أنه إن كان حساب الاستثمار يشتمل على نقود وديون فقط، فلا سبيل إلى الاسترداد النهائي قبل انتهاء فترة المضاربة. وغاية ما يمكن للمصارف الإسلامية أن يردوا إليه كامل مبلغه مع شيء من الربح المتوقع، ولكن لا بد أن يظل هذا الدفع خاضعًا للتصفية النهائية في آخر الفترة حيث يتم عندئذ حساب الأرباح والخسائر بطريق النمر، فإن كان المبلغ المدفوع ناقصًا من حقه حسب الحساب النهائي، دفع إليه مبلغ زائد لجبر ذلك النقصان وإن كان زائدًا على حقه، استرد منه القدر الزائد.

وأما إن كان حساب الاستثمار مشتملًا على أعيان وموجودات، أو على خلطة من الأعيان والنقود والديون، والغالب فيها أعيان (١) ، فيمكن الاسترداد النهائي قبل انتهاء الفترة، وذلك بأن يشتري الوعاء في حصته في الوعاء، ويمكن أن تتحدد قيمة الشراء على أساس الربح أو الخسارة المتوقعة إلى ذلك اليوم، ولا يجوز أن يلتزم البنك شراء حصة صاحب الحساب بمبلغ الإيداع أو القيمة الاسمية، لأنه ضمان لرأس المال، وإنما تقدر قيمة الشراء في حينه على أساس تقويم الوعاء أو على أساس الربح أو الخسارة المتوقعة برضا الطرفين، وينطبق على ذلك ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن (سندات المقارضة وسندات الاستثمار) ونص القرار في هذا الخصوص ما يلي:

لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع، ولو كان معلقًا أو مضافًا للمستقبل، وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعدا بالبيع، وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء، وبرضا الطرفين (٢) . وقد أوضحت طريق تقدير القيمة في بحثي المعروض على المجمع بشأن (سندات المقارضة) (٣) .


(١) هذا الشرط مبني على ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي في قراره ٣٠ (٥/٤) ، بشأن سندات المقارضة. أما على قول الحنفية، فمقتضى قولهم في مسألة مد عجوة أن يجوز البيع فيما إذا كان بعض أصول الخلط عروضا، سواء كان أكثر موجوداتها نقودًا أو ديونًا، بشرط أن تكون القيمة زائدة على حصة النقود والديون صرفًا للزائد إلى العروض.
(٢) قرار رقم: ٣٠ (٥/٤) ، من قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة المنعقدة بجدة سنة ١٤٠٨ هـ.
(٣) بحوث في قضايا فقهية معاصرة، لمحمد تقي العثماني، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٩، طبع دار القلم بيروت، والعدد الرابع من مجلة المجمع، وأوضحت ذلك أيضًا في كتابي بالإنجليزية: An Introduction To Islamic finance. P ٦٣ to ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>