للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلط الأموال في المضاربة المشتركة

منع جمهور الفقهاء خلط المضارب مال المضاربة التي تعاقد عليها مع رب المال بماله هو أو بمال يتلقاه من رب مال آخر، يستوي عندهم في ذلك أن تكون المضاربة مطلقة أو مقيدة، وقد علل الفقهاء ذلك بأن هذا الخلط يوجب في مال رب المال الأول حقًا لغيره، كما علل المنع بعضهم بأنه يشغله عن العمل في مال رب المال السابق ولا سيما إن كان من مال الثاني كثيرًا.

على أنه إذا أذِنَ رب المال للمضارب بذلك، أو قال له: اعمل برأيك فإن هذا الخلط جائز، أما إن خلط بدون ذلك فإنه ينظر: إن خلط بعد الربح في المضاربتين ضمن المالين وحصة رب المال من الربح قبل الخلط، وإن كان بعد الربح في إحداهما فقط ضمن الذي لا ربح فيه.

قال ابن رشد (الحفيد) : (اختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة والليث في العامل يخلط ماله بمال القراض من غير إذن رب المال، فقال هؤلاء كلهم ما عدا مالكًا: هو تعدٍّ، ويضمن. وقال مالك: ليس بتعدٍّ) (١)

وتفصيل الاتجاهات الفقهية في المسألة كما يأتي:

منع الحنفية الخلط بدون إذن رب المال أو قوله للمضارب: اعمل برأيك.

وفصل المالكية القول بأنه إذا اشترط رب المال على المضارب خلط مال القراض بماله فإنه لا يجوز، فإن وقع الخلط وخسر المالان فضمان الخسر عليهما بقدر كل، وللعامل (المضارب) على رب المال أجرة مثله فيما عمله في مال القراض، سواء حصل ربح أو خسر أو لم يحصل واحد منهما، ويقبل قوله في الخسر والتلف وفي قدر ما تلف، بيمينه. (٢)


(١) حاشية ابن عابدين: ٤/ ٤٨٥، ٤٨٦، وفي مجمع الضمانات (٣٠٩) : (لو خلط المضارب مال المضاربة بماله أو بمال غيره ليعمل بهما يضمن، إلا إذا قال له: اعمل فيه برأيك فله أن يخلطه بماله أو بمال غيره) .
(٢) الدسوقي على الشرح الكبير لمختصر خليل: ٣/ ٥٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>