للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان الطرف الثالث في المضاربة:

إذا كان الضمان من طرف ثالث (أي عنصر غير المضارب ورب المال) فإنه جائز، لأنه من قبيل التبرع من ذلك الطرف، أي الهبة، ويتعلق هذا التبرع بمقدار ما يحصل من نقص في رأس المال، والجهالة في التبرعات مغتفرة.

وهذا الالتزام بالتبرع ليس ضمانًا بمعنى الكفالة، لأنها لا تكون إلا في دين صحيح ثابت حاضرًا أو مستقبلًا فيكون هناك مدين أصيل وكفيل بالدين، وهنا الأصيل (المضارب) ليس مدينًا لأنه بطيبعة المضاربة لا تصح مسؤوليته. فالضمان هنا يراد به التحمل للتبعة وليس الكفالة.

ولا يتناول ضمان الطرف الثالث الربح المتوقع الذي فات (الكسب الفائت أو الفرصة الضائعة) بل يقتصر على أصل المال، لأن هناك حاجة بالنسبة لبعض الناس بالمحافظة على أصل المال ولتشجيعهم على استثماره، وليست هناك حاجة تدعو إلى ضمان حصة من الربح، كما أن مثل هذا الضمان يشابه المراباة التي تقوم على أساس ضمان الأصل مع زيادة. وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة في جده (١) على ضمان الطرف الثالث، ونصه:

(ليس هناك ما يمنع شرعًا من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث، منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد، بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزامًا مستقلًا عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطًا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد) .


(١) القرار رقم: ٥، بشأن سندات المقارضة في البند التاسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>