للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شروط المضاربة:

تتوزع هذه الشروط على الأطراف كما يلي:

١- يشترط في صيغة المضاربة ما يشترط من الشروط في صيغ عامة العقود الأخرى، وقد اشترط الحنفية، وجمهور المالكية، والشافعية في الأصح، في صيغتها أن تكون باللفظ (الإيجاب والقبول) وأجاز الحنبلية، والشافعية في القول الثاني، انعقادها باللفظ وبالفعل، وقال بعض المالكية، تنعقد بقول أحدهما ورضا الآخر بها من غير قول، إذا توفرت القرينة على ذلك (١) .

٢- ويشترط في العاقدين ـ رب المال والمضارب ـ كمال الأهلية، وحرية التصرف في المال، هذا بشكل عام، وهناك تفصيلات جزئية اتفق الفقهاء في بعضها واختلفوا في بعضها الآخر، مثل المفلس، والمريض مرض الموت، وغير ذلك، تعرف في كتبهم (٢) .

٣- ويشترط في رأس المال شروط أهمها:

أ - أن يكون من الدراهم أو الدنانير، ويدخل في ذلك الآن سائر العملات، لأنها تأخذ حكمها لدى عامة فقهاء العصر، بل هي بدل عنها.

واختلفوا في العروض، فذهب الجمهور منهم إلى أنه لا يصح أن تكون رأس مال في المضاربة، وعن أحمد رواية أخرى بصحة المضاربة في العروض، وتجعل قيمتها وقت العقد رأس مال المضاربة، إلا أنه لو قال رب المال للمضارب: بعْ هذه العروض واعمل بثمنها مضاربة، فباعها بدراهم أو دنانير وتصرف فيها جاز عند الحنفية، وقال المالكية: (إن قال له: بعه واجعل ثمنه رأس مال، فمضاربة فاسدة) (٣) .

ب - أن يكون رأس المال معلومًا للعاقدين جنسًا ونوعًا ومقدارًا، فلو كان مجهولًا لم تصح (٤) .

جـ - أن يكون عينًا لا دينًا في الذمة، فإن كان دينًا في الذمة لم تصح المضاربة لدى جمهور الفقهاء، وذهب بعض الحنبلية إلى جوازها بالدين على العامل، وذهب الحنفية إلى أنه لو قال رب المال للمضارب: اقبض مالي على فلان من الدين واعمل به مضاربة، جاز (٥) .

د- كون رأس المال مسلمًا للمضارب، فلو شرط رب المال على المضارب أن يعمل معه فيه لم تصح المضاربة، وهو مذهب الجمهور، وذهب الحنبلية في المذهب إلى أنه لو اشترط عليه عمله معه صحت وكانت مضاربة (٦) .

هـ- ويشترط في الربح أن يكون نسبة شائعة معلومة لكل من الطرفين، ولا يجوز أن يشرط لأحدهما مبلغًا محددًا وإن قل، ولا يشرط ربحًا لغير العاقدين (٧) .

٤-أما ما يتعلق بالعمل من العامل من الشروط عند الإطلاق، فهو منوط بما تعارف الناس فعله في عرف التجار، وهناك أمور لا تلزمه إلا إذا نص عليها في العقد، وأمور لا يصح اشتراطها عليه، وهي مفصلة في كتب الفقهاء.

هذه شروط صحة المضاربة المفردة بإجمال، فإذا فقدت المضاربة واحدًا منها فسدت.

والمضاربة الفاسدة بوجه عام تنقلب إلى إجارة فاسدة، فيكون الربح فيها لرب المال وحده، والخسارة عليه، ويكون للعامل أجر مثله.

هذا تعريف المضاربة الفردية وأركانها وشروطها بإجمال.


(١) بدائع الصنائع: ٦/ ٨٠ ـ ٨١، والدسوقي: ٣/ ٥١٧، ونهاية المحتاج: ٥/ ٢٦٦، وكشاف القناع: ٣/ ٥٠٨.
(٢) بدائع الصنائع: ٦/ ٢٠ ـ ٨١ ـ٨٢، والمدونة: ٥/ ١٠٧، ومغني المحتاج: ٢/ ٣١٤، والمغني: ٥/ ١ـ ٢.
(٣) بدائع الصنائع: ٦/ ٨٢، والشرح الصغير: ٣/ ٦٨٣ ـ ٦٨٦، ومغني المحتاج: ٢/ ٣١٠، والمغني: ٥/ ١٣ ـ ١٧.
(٤) بدائع الصنائع: ٦: ٨٢، وجواهر الإكليل: ٢/ ١٧١؛ ونهاية المحتاج: ٥/ ٢١٩ ـ ٢٢٠، والمغني: ٥/ ١٩
(٥) بدائع الصنائع: ٦ / ٨٣، وجواهر الإكليل: ٢/ ١٧١؛ ومغني المحتاج: ٥/ ٣١٠ والإنصاف: ٥/ ٤٣١.
(٦) بدائع الصنائع: ٦/ ٨٤ ـ ٨٥، والدسوقي: ٣/ ٥١٧، ومغني المحتاج: ٢/ ٣١١، والإنصاف: ٥/ ٤٣٢.
(٧) ابن عابدين: ٤/ ٤٨٥، والشرح الصغير: ٣/ ٦٩٢، ومغني المحتاج: ٢/ ٣١٢ ـ ٣١٣، وروضة الطالبين: ٥/ ١٢٢ ـ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>