فأما الصورة الأولى: وهي تعدد العمال ورب المال واحد، فليست هي المرادة في بحثنا هذا، وعلى كل فأمرها هين، لأنها قريبة جدًا من المضاربة الفردية، وفيها عامة خصائصها وليس صعبًا قياسها عليها، والحكم بمشروعيتها وإلحاقها بها في أحكامها.
وأما الصورتان الثانية والثالثة، فهما محل الدراسة، بل إن الصورة الثانية هي المعنية بالدراسة أولًا، لأنها هي المطبقة في المؤسسات الاستثمارية الإسلامية، دون الثالثة، وهي المعنية في ندوتنا هذه.
وذلك لأن صعوبات كثير تثور أمام شرعية هاتين الصورتين من المضاربة الجماعية أو المشتركة لعدم ورود نص شرعي من كتاب أو سنة على شرعيتهما، وصعوبة قياسهما على المضاربة الفردية التي تقدم تلخيص تعريفها وأحكامها، لمخالفتهما لها في بعض الأمور.
وقد قام كثير من الباحثين والفقهاء المعاصرين ببعض الدراسات في هذا المجال محاولين تلمس الطرق الشرعية لإباحتهما، وأغلب الباحثين نحى منحى قياسهما على المضاربة الفردية، وبيان أن الفوارق الجوهرية بين هاتين الصورتين من المضاربة الجماعية وبين المضارب الفردية غير مؤثرة، وبالتالي تكون المضاربة الجماعية بالصورتين السابقتين مباحة قياسًا على المضاربة الفردية، وهو ما سوف نوجه الدراسة إليه في هذا البحث إن شاء الله تعالى.