وإنني سوف أقدم وصفًا موجزًا مبسطًا لهذه الصورة الثانية ـ محل الدراسة ـ من المضاربة الجماعية أو المشتركة، وفق ما يجري عليه العمل فيها في المؤسسات الاستثمارية الإسلامية بعامة، كما يلي:
١- يقوم عدد من أصحاب الأموال بوضع كل منهم جزءًا معينًا من أمواله ـ دفعة واحدة أو على دفعات متعددة متلاحقة ـ في مؤسسة استثمارية إسلامية من أجل استثمارها لهم بالطرق الشرعية، على أن يكون لهم جزء شائع معين من أرباحها، كالنصف أو الثلثين. . . ويكون باقي الربح للمؤسسة الإسلامية المستثمرة، فإذا حصلت خسارة كانت على أرباب الأموال الخاصة.
٢- تقوم المؤسسة الإسلامية ـ وقد يسميها البعض بنكًا إسلاميًا بخلط هذه الأموال فور وصولها إليها بعضها مع بعض، وربما خلطتها بأموالها هي أيضًا، ثم تقوم باستثمار هذه الأموال ـ فور وصولها إليها أو بعد فترة من الزمن بحسب الفرص المتاحة أمامها للاستثمار ـ بالطرق الاستثمارية الإسلامية، ومنها دفعها لبعض أصحاب الحرف أو التجار. . . على سبيل المضاربة الفردية، كل منهم على حدة.
٣- تحسب هذه المؤسسة الإسلامية أرباحها في نهاية كل عام بطريق التنضيض الحكمي أو التقديري، بإحصاء ما هو موجود لديها من أموال، بما فيها ما استردته ممن قامت بالمضاربة معه من التجار وأهل الحرف وغيرهم، مع حصتها من الأرباح التي تسلمتها منهم، بعد خصم النفقات منها.
٤- ثم تقوم المؤسسة باقتطاع حصتها من هذه الأرباح، وهي النسبة المبينة في عقد المضاربة المشتركة مع أصحاب الأموال، وما بقي من الربح وهو حصتهم منه تسلمه إليهم بحسب مقدار رأس مال كل منهم لديها والزمن الذي بقي فيه رأس المال هذا لديها، فإذا لم تتوفر أرباح لم تأخذ شيئًا، ولم توزع على أرباب الأموال شيئًا، فإذا حصلت خسارة لم تأخذ هي شيئًا من هذا المال، وخصمت مقدار الخسارة من رأس مال كل من المتعاملين معها من أرباب الأموال، بما يناسب حصته من رأس المال مع الزمن الذي مضى على بقاء المال فيه عندها. وإن كان انعدام الربح أو الخسارة لم يحصل أي منهما في المؤسسات الإسلامية إلى اليوم ـ بحسب علمي ـ بسبب حصافة القائمين على إدارة هذه المؤسسات ـ واتخاذهم الاحتياطات المناسبة، والحذر المناسب، في إدارة هذه الأموال واستثمارها.