يشمل هذا العقد (المضاربة الجماعية أو المشتركة) على أطراف ثلاثة:
الأول: أصحاب الأموال، والثاني: المؤسسة الاستثمارية الإسلامية.
والثالث: التجار المتعاملون مع المؤسسة الإسلامية، الذين يقومون فعلًا بتنمية هذه الأموال.
فأما العلاقة بين المؤسسة الإسلامية، وبين التجار المتعاملين معها، فهي علاقة مضاربة فردية باتفاق عامة الفقهاء المعاصرين، وهي مشروعة بالاتفاق كما تقدم، ولهذا فلا داعي للتعرض لها هنا بالدراسة.
فأما العلاقة بين المؤسسة الإسلامية وأصحاب الأموال، فهي المختلف فيها وهي محل الدراسة ...
وفي سبيل الوصول إلى بيان حكم هذا العقد:(المضاربة الجماعية أو المشتركة) لا بد من تبيين طبيعة هذا العقد، وتكييفه الفقهي، وقد تعرض الفقهاء المعاصرون لهذا الموضوع، واختلفوا فيه على آراء:
١- فاتجه أكثر المعاصرين من الباحثين والفقهاء إلى أن المضاربة المشتركة على النهج المتقدم هي مضاربة فردية مطوَّرة، بين أرباب الأموال والمؤسسة المالية الإسلامية، حيث يقوم أرباب الأموال مقام رب المال في المضاربة الفردية، وتقوم المؤسسة الإسلامية مقام العامل المضارب، ويعطي كل طرف حكمه فيها، ولا تتميز عنها إلا ببعض الفوارق غير المؤثرة، ثم حاول هؤلاء الفقهاء دراسة هذه الفوارق، وبيان عدم التأثير فيها في صحة المضاربة.
٢- واتجه آخرون إلى أن أصحاب الأموال شركاء للمؤسسة الإسلامية، والعقد بينهما فيها عقد شركة أموال، وليس عقد مضاربة، حيث إن المؤسسة تضيف أموال أرباب الأموال إلى أموالها، وتخلطها معها، وتتجر بالجميع معًا، ثم تقتسم الربح بينها وبينهم.
٣- واتجه فريق ثالث إلى أن العلاقة بين أرباب الأموال والمؤسسة الإسلامية علاقة إجارة، فأرباب الأموال مستأجرون، والمؤسسة أجير مشترك يدير المال لهم بأمرهم، بمقابل ما يأخذه منهم من حصة في الربح.
ولكل من هذه التكييفات مناطات شرعية مقبولة تدعو لتصحيحه وترجيحه، ومآخذ شرعية تقتضي بطلانه.