للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- تشكيل هيئة لأرباب المال (لجنة المشاركين) :

يشترط عامة الفقهاء لصحة المضاربة تسليم المال للمضارب، وإطلاق يده في العمل فيه بحسب العرف، سواء كان ذلك مع التفويض الكامل له بالتصرف فيه من غير قيد أو شرط مسبق (المضاربة المطلقة) أو تقييده ببعض الشروط المناسبة لحفظ المال (المضاربة المقيدة) ، فلو لم يسلمه المال أصلًا، أو سلمه إليه ومنعه من التصرف فيه، فلا تصح المضاربة، وكذلك إذا سلمه المال وقيده بقيود شديدة جدًّا تضر بالاسترباح، فإنه لا يصح أيضًا قال الدردير: (كاشتراط يده مع العامل في البيع والشراء والأخذ والعطاء فيما يتعلق بالقراض ففاسد، لما فيه من التحجير عليه) (١) . كما نصوا على أن اشتراط عمل رب المال مع العامل المضارب مفسد للمضاربة، قال الحصكفي: (واشتراط عمل رب المال مع المضارب مفسد للعقد لأنه يمنع التخلية. . .) (٢) .

ولكن ذلك لا يعني ترك الحبل على الغارب للعامل دون رقابة أو دون أي إشراف عليه أو رقابة على تصرفاته، نعم لا يجوز لرب المال واحدًا كان أو أكثر أن يعرقل أعمال العامل في المال، ولكن له بكل تأكيد أن يشرف على عمله في المال، للتأكد من التزامه بالشروط والأعراف المأذون له التصرف على وفقها، وعليه فلا مانع ـ في نظري ـ من أن يشكل أصحاب الأموال الذين أودعوا أموالهم في المؤسسات الإسلامية لجانًا أو هيئات معينة منهم، للقيام بالإشراف على أعمال المؤسسة في أموالهم، للتأكد من مدى مطابقتها لما عليهم التقيد به من الشروط والأعراف التجارية المستقرة، وللتأكد أيضًا من التزامهم بأحكام الشريعة الإسلامية.

دون أن يكون لهذه الهيئات حق التدخل في أعمال المؤسسة ما دام ذلك العمل متوافقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية والشروط والأعراف التجارية المستقرة، ولا أظن أن في ذلك خلافًا لدى الفقهاء القدامى أو المعاصرين.


(١) الشرح الكبير في هامش حاشية الدسوقي عليه: ٣/ ٥٢١ ـ ٥٢٢.
(٢) الدر المختار في هامش حاشية رد المحتار عليه: ٤/ ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>