٨- تحديد المضارب في حال إدارة المضاربة من قبل الشخصيات المعنوية (المؤسسات أو الشركات) :
في المضاربة الفردية، المضارب هو العامل الذي يقوم بأعمال التجارة في مال رب المال، لا شبهة في ذلك، أما في المضاربة مع شخصيات اعتبارية، مثل الشركات التي يقوم بها جماعة من الموظفين والعمال، وغيرهم، فمن هو المضارب في هذه الحال؟
إن تحديد ذلك ضروري لتحديد من يستحق ذلك المقدار من الربح المخصص للمضارب.
ولبيان ذلك أقول:
للشركة المضاربة طريقان في التعامل مع أرباب الأموال:
الأولى: أن تجعل الشركة ـ باعتبارها شخصية اعتبارية ـ هي المضارب، وبذلك تستحق هي وحدها حق المضارب في الربح في عقد المضاربة، باعتبارها السابق فتأخذ هذا المقدار من الربح وتضمه إلى رأس مالها هي، مع الأرباح المتحققة فيه، ثم توزعه على الشركاء بحسب نظامها، أما العمال والموظفون لديها فهم تابعون لها ولا حصة لهم في هذا الربح، وإنما لهم رواتبهم باعتبارهم أجراء يعملون في الشركة التي هي شخصية اعتبارية.
والطريقة الثانية: أن تجعل الشركة عمالها وموظفيها جميعًا هم المضارب، وبذلك يستحقون جميعًا المقدار المحدد للمضارب في المضاربة من الربح، ويوزع هذا المقدار عليهم بحسب عمل كل منهم في مال المضاربة، ويؤخذ بعين الاعتبار في ذلك الزمن والاختصاص وغير ذلك مما له أثر في العمل وتحقيق الربح، ولا يكون لهم أجرة في الشركة، إلا أن يكون لهم فيها أعمال أخرى خارجة عن طبيعة المضاربة، ولا تتضارب مع عملهم في المضاربة.
ولا أظن أن المؤسسات الإسلامية الاستثمارية تفضل الطريق الثانية، وعلى كل فالأمر متروك لهذه الشركات على السعة، لتختار ما هو الأوفق لمصالحها.