٣- أود الإشارة هنا إلى أن المضاربة المشتركة على ما توفره من مصالح لأرباب الأموال والعاملين عامة في نطاق الاستثمار الإسلامي، فإنها لا تخلو من محاظير شرعية حاولت كما حاول غيري من الفقهاء المعاصرين تفسيرها وتخريجها قدر الإمكان، إلا أنه لا زال من البعض منها في النفس شيء، وهناك طريق أخرى للاستثمار الإسلامي، توفر لجميع أرباب الأموال فرصًا كبيرة للاسترباح الحلال، كما توفر للخبراء باستثمار المال فرصًا كبيرة للاستثمار أيضًا، وتوفر للأيدي العاملة فرصًا للعمل كبيرة، كما توفر لسائر المواطنين السلع بأحسن حال وأرخص سعر، مما يقلل من أهمية استيراد السلع من الخارج، وهو مصلحة قومية ووطنية وإسلامية، وهي الشركات المساهمة، حيث توفر كل ما ذكرت، وهو فوق ما توفره المضاربة المشتركة من المصالح، وهي في الوقت نفسه مشروعة ولا إشكال في مشروعيتها من غير خلاف، وهذه الشركات المساهمة توفر لأرباب الأموال تسييل أموالهم عند الحاجة إليها ببيع أسهمها، كما توفر لكثير من الأراضي الزراعية المهملة فرصًا لإحيائها واستثمارها بالزارعة وغيرها، وهي مصلحة كبرى لعالمنا العربي المعروف بالزراعة، لذا فإنني أحفز أرباب الأموال والشركات الاستثمارية الإسلامية أن تنتبه لأهمية هذه الطريق الاستثمارية الهامة، والتعامل بها بديلًا أو رديفًا للمضاربة المشتركة، لما تقدم من المصالح الكثيرة التي توفرها من غير خلاف بين الفقهاء في مشروعيتها.
هذا ما ظهر لي في هذا المقام بعد الدراسة والبحث ولا أخفي أن بعض النقاط التي تعرضت إليها في هذا الموضوع لا زالت شائكة في نظري، وبحاجة ماسة إلى المزيد من الدراسة والبحث، ولعل السادة العلماء المشاركين في هذه الندوة الكريمة يكشفون في مناقشاتهم ومداخلاتهم ما يزيل الإشكال عنها، ويضعها في طريقها الصحيح، وهو ما شجعني على تقديم بحثي هذا، رجاء تصويبه بالمناقشات الغنية بالمعرفة، عسى أن نصل في هذا الموضوع الهام إلى اتفاق، يجعلنا نطمئن إلى أنه الموافق لشرع الله تعالى.