للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتضح مما سبق أن النحو الذي نحاه رجال القانون في تفسير نوع العلاقة بين الشركاء والشركة قد تم بطريقة متناقضة تختلط بها فكرة الربا، وهو ما لا يتسق شكلًا ولا موضوعًا مع روح الشريعة الإسلامية. فإضفاء صفة الدائنية للشركاء على أموالهم المودعة في الشركة مع إقرار حق لهم في الحصول على إيراد، حتى ولو لم يكن منتظما، يعكس صورة القرض الذي جر نفعًا، وهو غير قابل للتصور من الناحية الشرعية لمنافاته لأحكام عقود الصرف بإجماع أهل العلم (١) .

ومن ناحية ثانية فإنهم يعتبرون صك السهم نفسه، في حالة الشركات المساهمة، قد اندمجت فيه قيمته النقدية صوريًّا، فأصبح منقولًا معنويًّا مملوكًا للمساهم يبيحون تداوله بيعًا وشراء بأقل أو بأكثر من قيمته الاسمية، رغم افتراض أن رأس المال ما زال دينًا على الشركة نفسها بشخصيتها المعنوية المستقلة (٢) .

ومن الواضح أن في ذلك كله تناقضًا بينًا مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ لأن بيع الشريك لحصته في رأس المال لدى الشركة بمثابة حوالة للدين، وبالتالي يخضع من الناحية الشرعية للأحكام المنظمة لحوالة الدين التي لا تجيز نقل هذا الحق إلا بقيمته الاسمية، وهذا يعني بطريقة تلقائية عدم جواز تداول جميع الأسهم التي تصدرها الشركات المساهمة في أسواق رأس المال إلا بقيمتها الاسمية التي صدرت بها، وإلا ترتب على ذلك وقوع الربا في التعامل المذكور، وهذا يناقض تمامًا ما يجري به التعامل بين الناس في الأسهم في جميع أسواق رأس المال على مستوى العالم.


(١) انظر: ابن المنذر، الإجماع، ص ١٢٠.
(٢) انظر: د. فايز نعيم رضوان، الشركات التجارية، ص ٤٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>