للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: رغم أن علماء القانون الوضعي قد أضفوا صفة الشخصية الاعتبارية على كل من البنوك التقليدية والشركات العادية غير المصرفية (إنتاجية وخدمية) بدون تفرقة، إلا أنه لم يغب عنهم ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ أن يفرقوا بوضوح بين الأساس القانوني الذي ينبني عليه إيداع الأموال في البنوك التقليدية، وهو عقد القرض (١) . وبين الأساس الذي ينبني عليه الإسهام في رأس مال أي شركة من الشركات (حتى لو كانت البنك الربوي نفسه) ، وهو عقد الشركة، فسمحوا في الحالة الأولى بالتدفق المستمر للودائع والخلط فيما بينها لدى البنوك دون أي شروط مسبقة لذلك. بينما منعوا في الحالة الثانية من التدفق المستمر لرؤوس الأموال في الشركات المساهمة، وسنوا عددًا من الشروط الصارمة لأي إصدارات جديدة تأخذ شكل أسهم.

ومن أهم هذه الشروط (٢) : أنه لا يجوز إصدار أسهم للاكتتاب زيادة على رأس المال المصرح به في أي شركة حتى في حالة ازدهار أعمالها وتحقيقها لأرباح مجزية، إلا بعد الحصول على موافقة الجمعية العمومية والجهات الرقابية المختصة، واعتبار طلب الزيادة في رأس المال المصرح به في حكم تعديل في العقد الابتدائي للشركة، وجواز طلب علاوة إصدار بخلاف قيمة السهم الاسمية التي يتداول بها، بحيث يتم تعلية هذه القيمة إلى احتياطيات الشركة (٣) . ولا شك أن كافة هذه الشروط تضفي سياجًا قويًّا من الحماية على عملية تدفق رؤوس الأموال في الشركات، ولا يقصد منها إلا حماية حقوق الشركاء القدامى من الضياع، ومنع الغبن الذي قد يقع عليهم في هذا الصدد.

وأخذًا في الاعتبار لكل ما سبق بيانه من أن هناك فروقًا واضحة بين التكييف الفقهي والقانوني لطبيعة التعامل في كل من البنوك الإسلامية والبنوك الربوية، وكذا لما توصلت إليه القوانين الوضعية المعاصرة من وجود فروق جلية بين الكيان الخاص بالشركات المساهمة والكيان الخاص بتعاملات المصارف الربوية، فيكون من الأولى مراعاة تلك الفروق في تعاملات المصارف الإسلامية، بما يؤدي إلى منع التدفق المستمر للودائع أو الخلط بينها في وعاء المضاربة لدى هذه البنوك. ومراعاة أنه ليس هناك فارق بين الاكتتاب في أي شركة من الشركات المساهمة غير المصرفية، والإيداع في البنوك الإسلامية بصفتها شركات مضاربة.


(١) انظر: علي جمال الدين عوض، موجز عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية، ١٩٦٩.
(٢) انظر: محمد علوان، الشركات المساهمة في التشريع المصري، مرجع سابق، ص ١٩٣.
(٣) المرجع السابق: ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>