للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيرًا ذهب الدكتور الدبو إلى تعريفها بأنها تعني: (. . . أن يوكل شخص غيره للمتاجرة برأس مال من عنده، له قيمة مالية، على جزء شائع من ربحه معلوم للمتعاقدين. . .) (١) .

هذه هي بعض تعريفات المضاربة التي انتهى إليها بعض المعاصرين، وقبلهم الفقهاء القدامى، وبطبيعة الحال، ثمة تعاريف وتصورات عديدة قديمة ومعاصرة للمضاربة، بيد أن المقام لا يتسع لسردها، كما أنها لا تخرج في مجملها عن معاني هذه التعاريف التي أوردناها، مما يجعلنا نكتفي بما ذكرنا.

وعلى العموم، جلي فيما سبق أن تعاريف الباحثين والكتاب المعاصرين لا تختلف عن تعريفات الأقدمين، بل يمكن للمرء أن يجزم بأن تعاريفهم تمثل شروحًا وتوضيحًا لما أجمل من عبارات في تعاريف الأقدمين، وإن يكن ثمة فرق بين المعاصرين والأقدمين، فإنه يكمن في إدراج المعاصرين ألفاظًا جديدة كلفظة (اتفاق) ولفظة (توكيل) (٢) وسواهما.

وفضلًا عن ذلك، فإن بعض المعاصرين حاولوا توضيح بعض الآثار التي تترتب على هذا العقد وذلك في حالة حصول ربح أو وقوع خسارة، كما عني بعضهم بتضمين تعريفهم بأنه في حالة وقوع خسارة لعملية المضاربة بغير تعد أو تقصير من العامل، فإن رب المال يتحمل خسارة رأس ماله، كما يتحمل العامل خسارة جهده وتعبه، وبطبيعة الحال، لم يكن هذا الأمر ـ بأي حال من الأحوال ـ غائبًا عن إدراك السابقين، ولكنهم تجاوزوا الإشارة إليه في تعاريفهم لبداهته ووضوحه لديهم.


(١) انظر: الدبو، عقد المضاربة دراسة في الاقتصاد الإسلامي، ص ٣٢ (عمان دار عمار، طبعة أولى، عام ١٩٩٨ م) .
(٢) على أنَّ استهلال التعريف بلفظة (توكيل) محل نظر، ذلك لأن المضاربة وإن كان فيها معنى الوكالة، فإنها ليست وكالة، كما أنه لا يصح اعتبارها إجارة على الرغم من وجود معنى الإجارة فيها، فهي عقد خاص شرعي مستقل ذو كيان مستقل ينتظم جانبًا من الوكالة، وجانبًا آخر من الإجارة، وجانبًا ثالثًا غير مباشر من الإقراض، وغير ذلك، ولهذا، فلا يصح اعتبارها وكالة أو توكيلًا أو إجارة أو أقراضًا. فليتأمل! .

<<  <  ج: ص:  >  >>