للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انطلاقًا من هذه الفروق والمزايا للمضاربة المشتركة وفق تصور الدكتور سامي، يمكن القول بأن المضاربة المشتركة عبارة عن عقد ثلاثي يتم على مرحلتين بين ثلاثة فرقاء وهم: مالكو الأموال (= الجهة الأولى = رب المال) والعاملون فيها (= الجهة الثانية = المضارب) والجهة الوسيطة (الجهة الثالثة = المضارب المشترك) بينهما، وتتمثل المرحلة الأولى في تعاقد ثنائي بين الجهة الوسيطة ومالكي الأموال، وأما المرحلة الثانية، فتتحق بين الجهة الوسيطة والعاملين، وبموجب هذين العقدين يكون للجهة الوسيطة (= المضارب المشترك) ـ دون غيرها ـ الحق في تحديد الشروط التي تراها مناسبة لحفظ المال من الضياع ولاستثماره، كما أنه يجب عليها مقابل ذلك، ضمان أموال المضاربة مطلقًا، سواء أكان منها تعد وتقصير، أم لم يكن منها تعد أو تقصير، كما أن لها نصيبًا من الربح نظير ضمانها أموال المضاربة، وإنما سمي هذا الشكل الجديد للمضاربة بالمضاربة المشتركة عند القائلين بها؛ ذلك لأن المضارب يعتبر عاملًا مشتركًا لأكثر من رب مال في آن واحد، ولا يختص بعمله مؤجر واحد.

وأما الأحكام والمسائل الجديدة الخاصة بهذا المضارب المشترك في تصور الدكتور سامي، فإنها تكاد تنحصر في كونه ضامنًا للأموال التي تدفع إليه في كل الأحوال، وفي كونه صاحب الحق في وضع الشروط التي تتلاءم مع نظام الاستثمار الجماعي المعاصر، ويعني هذا أنه إذا كان يد المضارب في المضاربة يد أمان لا يد ضمان، كما تواتر ذلك عند أهل العلم بالفقه، فإن يد المضارب المشترك يد ضمان، وليست يد أمان، بل لئن كان الغالب في المضاربة في الأصل أن يتكفل رب المال بوضع الشروط التي يراها للعامل (= المضارب) فإن الأمر في المضاربة المشتركة مختلف تمامًا، ذلك لأن المضارب المشترك هو المسؤول الأول والأخير عن وضع الشروط المناسبة والملائمة لاستثمار أموال المضاربة، ولا يحق لرب المال أن يضع له أي شرط من شأنه الحيلولة دون ممارسة ما يرنو إليه من منهجية في استثمار الأموال التي يتلقاها من الكافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>