إن مغزى هذا التقرير هو أن المضاربة الموسومة بالمضاربة المشتركة لا تقبل تقييد المضارب فيها، ولا تطيق ـ بأي حال من الأحوال ـ وضع أي قيد أو شرط على تصرفاته في مال المضاربة، بل يجب أن يكون مستقلًا في تصرفاته، وأن يعطي الحق كل الحق في وضع الشروط والضوابط التي يجب على أرباب الأموال الالتزام بها والوقوف عندها، خلافًا للمضاربة الخاصة التي تصلح لتقييد تصرفات المضارب.
على أن هذا الاستقلال يكاد أن يختص به المضارب المشترك دون غيره، بل يكاد أن يكون محصورًا في علاقته مع المودعين فقط. وأما بالنسبة لعلاقته هو مع المستثمرين، فإن له الحق في وضع ما شاء من الشروط والضوابط، كما أن له تقييد تصرفات أولئك المستثمرين في الأموال التي يدفعها إليهم نيابة عن أصحاب الأموال المودعين.
وبناء على هذا، فإن ثمة فرقًا بين الحالتين، فالمضارب المشترك في الحالة الأولى يعتبر مستقلًا وصاحب الحق في صياغة ما يروق له من شروط وضوابط، ولا يجوز للمودعين الاعتراض على شروطه الهادفة إلى حفظ المال من الضياع، وتثميره وتنميته. وأما المضارب المشترك في الحالة الثانية، فإنه يملك سائر الشروط التي يملكها أرباب الأموال، ويجوز له اشتراطها على المضاربين معه صيانة لأموال المودعين وتحقيقًا للربح المرجو من عقد المضاربة، وأما المضاربين فليس لهم كما أسلفنا ـ الاعتراض على سائر شروط المضارب المشترك.