للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

أنواع التأمين الصحي – وتطوراته

١- (التأمين الصحي) اصطلاح مكون من لفظين، أولهما مشتق من الأمن، بمعنى عدم توقع مكروه، وقد استعمل في الاصطلاح ليبشر بإسباغ الطمأنينة التي يستبعد معها الخوف من وقوع المكروه مستقبلًا، على نحو ما استعمل في قول الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٣ – ٤] ، وقوله: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٧ – ٩٩] .

والإنسان بفطرته محتاج إلى ضمان هذا الأمن، ذلك لأنه يؤمن بأن من الأخطار المتوقعة ما لا يستطيع أن يتحاشى وقوعه، وإذا وقع فلا قدرة له وحده على رده، أو تحجيم مضاره، بل لا بد له ممن يعاونه على هذا أو ذاك.

وقد كان الإسلام أحرص الشرائع كلها على الدعوة إلى التعاون والتآزر في تفريج الكروب وتخفيف وقعها، فمن شعائره أن من نفَّس عن مؤمن كربة في الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، وأن على المؤمن أن يكون لمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وأن على المؤمنين في توادهم تراحمهم وتعاطفهم أن يكونوا كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

ولم يقف الإسلام في الأمر بالتعاون والتكافل عند حد المشاركة الوجدانية، بل إنه أرسى مبادئ تخطى بها هذه الحدود، وانفرد بها عن أي نظام آخر، ويكفي مثلًا لذلك أن يشار إلى نظام التآخي بين المهاجرين والأنصار، ونظام تكافل العاقلة، ونظام كفالة الغارمين بإعطائهم سهمًا من مصارف الزكاة المفروضة فرضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>