للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن ما يكشف عنه التأمل في تطور التأمين على مستوى العالم أن الدول تسعى إلى تثبيت أقدامها فيه على أوسع مدى، وذلك جريًا على ما تراه نظرية الضمان الاجتماعي المعاصرة، في قمة تطورها، من ضرورة أن يكون أداء خدمات الضمان الاجتماعي، ومنها التأمينات الاجتماعية، عن طريق وسيلة عامة، وأنه لا يجوز إسنادها إلى هيئات خاصة، لأن مثل هذا الهدف الاجتماعي الذي تسعى إليه، لا يمكن تحقيقه من خلال مؤسسات تستهدف إلى الربح بالدرجة الأولى (١) .

فإذا روعي بجانب ذلك أن التوازن الاجتماعي كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية هو غاية للدولة الإسلامية بدليل قول الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥] (٢) ، وروعي أيضًا ما سبق أن ألمحنا إليه من أن الرعاية الصحية تدخل في نطاق الضروريات التي تؤثر على الحاجيات والتحسينيات، وتوجب على ولي الأمر التدخل للعمل على ضمان تحقيقها، فإنه لذلك تكون الدول الإسلامية مدفوعة بوازع من دينها الحنيف إلى التوسع في التأمين الاجتماعي بفرضه فرضًا، وإسناده إلى مؤسساتها وهيئاتها العامة، ومع ضبط قواعده، وإحكام إدارته حتى يؤتي أهدافه المنشودة على هدى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.


(١) الدكتور السيد حسن عباس، النظرية العامة للتأمينات الاجتماعية، دار المعارف بالإسكندرية سنة ١٩٨٣م، ص ٣٣٩.
(٢) الدكتور السيد حسن عباس، النظرية العامة للتأمينات الاجتماعية، دار المعارف بالإسكندرية سنة ١٩٨٣م، ص ٣٣٦ وما بعدها، والمراجع الإسلامية المشار إليها في هامشه.

<<  <  ج: ص:  >  >>