للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠- هذه هي أنواع التأمين الشائعة، وتلك هي السمات البارزة لكل منها، وهي سمات ليست ثابتة تستعصي على التبديل والتغيير، بل هي عرضة دائمًا لهذا وذاك، إذ هي تقوم على أحد عمادين: أولهما: التراضي على الشكل الذي يحقق المصلحة، سواء أكانت فردية أم جماعية، والثاني: هو التوازن الاجتماعي كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

فالتراضي هو عماد عقد التأمين التجاري، كما هو عماد عقد التأمين التعاوني، والإرادة التي أنشأت كلًّا منهما تستطيع أن تضيف إلى أيهما من الخصائص ما تشاء، كما تستطيع أن تخص أحدهما ببعض خصائص الآخر، فتخلق نظامًا مزيجًا مختلطًا منهما، بل وتستطيع كذلك، بما لها من سلطة إنشاء عقود غير مسماة، أن تبتدع نوعًا مستحدثًا لا يدخل تحت أي من النوعين السابقين.

أما التوازن الاجتماعي الذي هو عماد التأمينات الاجتماعية فقد كان ثمرة لكفاح الطبقة العاملة، ولذلك فإنه لم يبلغ صورته الحالية دفعة واحدة، وإنما تدرج مع تدرج خطوات التطور الاجتماعي؛ وبما أن هذا التطور مستمر، فإن النظم القانونية للتأمينات الاجتماعية ما زالت هي الأخرى في تطور مستمر (١) .

ونتيجة لسلطان الإرادة النشط، وللتطور الاجتماعي المستمر، فإن في الأفق الاقتصادي، العملي والنظري،، نماذج من التأمين قد يصعب إخضاعها إخضاعًا كاملًا لأحد الأنواع سالفة البيان، وقد يعنينا في دراستنا الحالية للتأمين الصحي النماذج الآتية، وبعضها مطبق فعلًا:

أ- نموذج تأمين تقوم به شركة تجارية، غير أنه ملزم لا يمكن الأطراف خيارًا فيه. (التأمين على السيارات في بعض البلاد العربية) .

ب- نموذج تأمين تعاوني تقوم به شركة مختلطة، تشكل فرعًا لمنظمة أعم، وتمثل فيه الحكومة، بما يسمح لها بالإشراف والرقابة، وتسهم الدولة في تحمل المخاطر إذا تعثرت شركة التأمين أو زادت المخاطر عن القدر الذي جمعت الاشتراكات على أساسه. (قريبًا من النموذج الذي أوصت به هيئة كبار علماء السعودية) (٢) .

جـ- نموذج تأمين تقوم به شركة مملوكة للدولة وتدار بذات القواعد والأسس والعقود التي تدار بها الشركات التجارية للتأمين (كشركات التأمين المصرية التي أُممت ظلت تباشر نشاطها التأميني كما كانت) .

د- نموذج تأمين تتولاه مؤسسة عامة ويفتقد شرط الإلزام؛ كأن يترك للأفراد حرية الاشتراك فيه.

هـ- نموذج تأمين تعاوني غير أنه:

- يستند إلى رأس مال لا يملكه كأن يقترضه من بنك إسلامي (شركة التأمين الإسلامية بالخرطوم) .

- أو يكون في أصله جزء من أرباح شركة تجارية ويخصص للتأمين الصحي على المساهمين في هذه الشركة وورثتهم (الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي) .

- أو تكفل الشركة التعاونية شركة تأمين تجارية بمقابل.

- أو تسند العملية التأمينية لشركة تأمين تجارية بمقابل.

- أو تباشر الشركة التعاونية نشاطها التأميني عن طريق مشروعات تجارية؛ كأن تنشئ لحسابها مستشفيات لعلاج المؤمن عليهم وعلاج غيرهم، وتهدف من هذه المستشفيات إلى الربح.

إلى غير ذلك من النماذج التي قد تصوغها الحاجات المتطورة والأفكار المتجددة مما لا يمكن إدخاله تحت حصر (٣) .


(١) الدكتور أحمد حسن البرعي، المبادئ العامة للتأمينات الاجتماعية وتطبيقاتها في القانون المقارن، الطبعة الأولى سنة ١٩٨٣م: ١/٤٥.
(٢) الدكتور توفيق وهبة، الإسلام شريعة الحياة، القاهرة سنة ١٩٧٥م، ص ١٣، ١٣٦ – ١٣٧. والشيخ علي الخفيف في بحثه عن التأمين، المقدم إلى المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية، والمطبوع حديثًا ملحقا بعدد المحرم سنة ١٤١٧هـ من مجلة الأزهر، ص ٨٨، ٩٠.
(٣) راجع في هذا الشأن الكلمة والأبحاث التي ألقيت في الدورة الثانية لمجمع الفقه الإسلامي للمؤتمر الإسلامي، وعلى الأخص كلمة الأستاذ عبد اللطيف جناحي، وكلمة الشيخ معروف الدواليبي، وبحث الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود. وهي جميعًا منشورة في مجلة المجمع، العدد الثاني: ٢/٧٠٦ وما بعدها، ٦٨٥ وما بعدها، ٦١٧ وما بعدها. وراجع أيضًا الملخص الذي كتبه الشيخ فرج السنهوري، لبعض الأبحاث التي قدمت لمجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره السابع، الجزء الثاني. وراجع كذلك الدكتور أحمد السعيد شرف الدين، عقد التأمين وعقود ضمان الاستثمار (واقعها الحالي وحكمها الشرعي) سنة ١٩٨٢م، ص ٢٣٤ – ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>