للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلقى هذا النوع من التأمين إقبالًا متزايدًا لما يحققه من مزايا تأمينية خالصة، ولخفة أعبائه على المستأمنين بالمقارنة بما يحتويه من مزايا عند وقوع الكارثة، لا سيما بعد ارتفاع نفقات الرعاية الصحية وتشعب مسالكها، ووفرة ما يحققه التقدم الطبي من فرص لم تكن ميسرة في الماضي القريب.

ولذلك كله فإنه عادة ما تحتفظ الدولة بسيطرتها على هذا التأمين الاجتماعي، فتتولاه بنفسها أو تعهد به إلى مؤسسة عامة تعمل تحت إشرافها أو وفقًا لقواعد منضبطة تضعها، وهي تتصرف في الرعاية وفق ما يمليه الصالح العام وفي حدود الإمكانات التي توفرها؛ فقد تتولى توفير الرعاية الصحية التأمينية من خلال وحدات مملوكة لها، وقد ترى الفصل بين ملكية هذه الوحدات وإدارتها فتحتفظ بملكيتها وتعهد بإداراتها إلى شركات متخصصة في ذلك، أو تكتفي باستئجار بعضها بأدواتها وأطبائها وفنييها، أو تتفق مع أطباء أو فنيين (أشعة – تحليل) على القيام بخدمة المؤمن عليهم لديها، مقابل أجر محدد لكل خدمة، أو بأجر إجمالي تدفعه عن مدة معينة.

ومن ناحية أخرى فإن أجهزة التأمين الصحي الاجتماعي قد تقدم خدماتها عينًا في صورة علاج ودواء وأدوات تعويضية، وقد تقدم هذه الخدمات نقودًا على دفعة واحدة أو على دفعات متعددة أو مدى الحياة.

ونتيجة لأن هذه الأجهزة مكلفة بإشباع حاجة المرضى الموضحة تفصيلاتها في نظامها، فإنها قد تعجز عن موازنة إيراداتها مع نفقاتها، مما يضطر الدولة إلى التدخل لإعادة هذا التوازن، وقد يكفي مثلا، لما تتحمله مثل هذه الأجهزة من نفقات تفوق مواردها أن نشير إلى أن التأمين الاجتماعي المفروض في مصر على العاملين بالحكومة وبالقطاع العام والخاص، من سنة ١٩٦٤م لم تفرض فيه سوى اشتراكات زهيدة (١) وقد بقيت على ضآلتها هذه، فلم تزد طوال أكثر من ثلاثين سنة، رغم الارتفاع الرهيب الذي أصاب نفقات الرعاية الصحية، مما كان من آثاره أن وصلت مديونية هذا التأمين، في أوائل سنة ١٩٩٦م إلى نحو (٣٤٠) مليونًا من الجنيهات (٢) .

على أن هذا الإخلال الجسيم في الموازنة بين إيرادات هذا التأمين ونفقاته لا يحق أن يكون مبررًا لإلغائه أو تنقيص فوائده، وإنما يكون دافعًا إلى إعادة تنظيمه ابتغاء إحكام إدارته، أو زيادة إيراداته، أو خلق مصادر جديدة لموارده وضبط قواعده حتى لا يستفيد منه إلا من هو جديد بالاستفادة وبالقدر الذي يحتاجه حقيقة، دون تفريط في الرعاية الصحية أو إفراط في استنزاف المال العام في غير ما يقتضي ذلك.


(١) اشتراكات هذا التأمين عبارة عن (٤?) من أجر العامل يلزم صاحب العمل بثلاثة في المائة ويلزم العامل بواحد في المائة، فضلًا عن رسوم تافهة يتكبدها بمناسبة طلب بعض الخدمات (مثلًا خمسة قروش للطبيب الممارس العام، وعشرون قرشًا للزيارة المنزلية) .
(٢) تصريحات الدكتور نبيل المهيري رئيس هيئة التأمين الصحي بمصر وآخرين من المسؤولين عن الهيئة، منشورة بجريدة الأهرام الصادرة يوم ٢٩/١/١٩٩٦م، ويوم ٤/٢/١٩٩٦، ويم ٦/٢/١٩٩٦؛ والأهرام الاقتصادي عدد رقم ١٤١٣ الصادر في ٥/٢/١٩٩٦، ص ١٤ – ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>