وهذه مسألة قد لا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموضوع التأمين الصحي، إلا أن الاطلاع على نتائجها نافع في البين.
وربما لم تكن المسألة بحاجة إلى توضيح كثير، وخلاصتها أن يشترط المريض على معالجه أو حتى على شركة تأمين أن يتحقق البرء حتى يستحق الشخص أو الشركة المبلغ المعين، فهل يصح هذا الشرط؟ وإذا كان فاسدًا فهل يفسد العقد؟ هذا ما يجب توضيحه. وسيكون بحثنا على النحو التالي:
١ ـ قاعدة (المؤمنون عند شروطهم) :
هذه القاعدة من المسلمات الفقهية الإسلامية، والأصل فيها ما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قوله:((المسلمون عند شروطهم ـ أو على شروطهم ـ إلا شرطًا حرم حلالاً)) (١) .
ولا شك في صحة هذا الحديث على اختلاف تعابيره، وملخص دلالته: أن على كل مسلم الثبات عند التزاماته، والوفاء بها، إذ إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هنا في مقام إنشاء الحكم لا الإخبار به.
وعلى ضوء ذلك أجمع المسلمون على وجوب الوفاء بالشروط الصحيحة، وإن كانوا اختلفوا في أمور كثيرة متفرعة، من قبيل: شمول العبارة للأحكام كلها، باعتبارها إلزامات والتزامات إلهية أم لا، وشمول القاعدة للشروط الابتدائية أو اقتصارها على الشروط المذكورة ضمن العقود، وهذا ما لا داعي فعلاً للحديث عنه، وإنما المهم الحديث عن توفر شرائط صحة الشروط في موردنا هذا حتى يمكن الإلزام به.
(١) (جاء هذا الحديث في كل الكتب الحديثية، فلا نطيل في نقل مصادره، يراجع مثلاً: وسائل الشيعة، الباب (٢٠) من أبواب المهور، الحديث (٤) من كتاب النكاح)