للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ شرط القدرة:

ذكر العلماء شرائط صحة الشرط ليمكن الإلزام به، وأولها شرط القدرة، أي أنه يجب أن يكون مقدورًا للمشروط عليه، ذلك أن الاشتراط يعني الجعل في العهدة، وما لم يكن قادرًا عليه لن يكون متمكنًا من الوفاء به، ومن ذلك اشتراط أمور ـ بنحو شرط الفعل أو شرط النتيجة ـ غير داخلة تحت سلطة الإنسان، وإنما تتحقق بإرادة الله تعالى فقط، كموردنا هذا وهو البرء من المرض، فهو بيد الله جل وعلا، وإن كان للإنسان أن يهيئ الظروف الملائمة للشفاء.

والسر في كون هذا الشرط فاسدًا هو أنه يحول العقد إلى عقد غرري لمجهولية النتيجة، يقول الشيخ الأنصاري: (لأن تتحقق مثل هذا الشرط بضرب من الاتفاق ولا يناط بإرادة المشروط عليه فيلزم الغرر) (١) .

ويقول السيد البجنوردي: (فمثل اشتراط جعل الزرع سنبلا، والبسر رطبًا، واشتراط كون الدابة بحيث تحمل في المستقبل، حيث إنها ليست تحت سلطان المشروط عليه، يكون لغوًا أو باطلاً، بل لو أخذ وصفًا للمبيع في البيع أو لغيره في سائر المعاوضات يكون العقد فاسدًا لكونه غرريًا) (٢) .

وقد قرر العلماء جميعًا أن العقد الذي يدخله الغرر حتى من قبل الشرط الغرري باطل على اختلاف في تعابيرهم (٣) .

ولكن اعتبار اختلاط شرط القدرة منفذًا للغرر في العقد قد يختلف فيه، كما سنرى.

وقد جاء في الموسوعة الكويتية التعبير التالي: القسم الثاني: ما يحكم معه بصحة التصرف سواء أسقطه المشترط أم لم يسقطه، وهذا القسم يتناول الشروط الباطلة التي تسقط ويصح معها التصرف عند الحنفية، والشروط الباطلة التي يصح معها التصرف عند المالكية، والشروط الفاسدة التي يصح معها التصرف عند الشافعية والحنابلة.

وذكرت من أنواعه: الرابع: اشتراط أمر يؤدي إلى جهالة أو أمر غير مشروع، كما لو باع بقرة وشرط أن تدر كل يوم صاعًا، فإن ذلك لا يصح لعدم القدرة عليه، ولعدم انضباطه (٤) .


(١) (المكاسب، ص ٢٧٦)
(٢) (القواعد الفقهية: ٣ / ٢٢٦)
(٣) (الموسوعة الفقهية: ٢٦ / ١١ ـ ١٦)
(٤) (نقلاً عن: مغني المحتاج: ٢ / ٣٣ ـ ٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>