للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصحة عند أطبائنا جميعًا إذن هي الأساس والمنطلق، والمرض هو الهيئة المضادة للصحة، وإنما فقه أطباؤنا ذلك من قول ربهم عز وجل: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفطار: ٧] وقوله عز من قائل: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى: ٢] ، وقوله سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] ، وقوله تبارك وتعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشمس: ٧] حتى لخص علي بن العباس تعريف الصحة بعبارة موجزة بليغة فقال: (والصحة هي اعتدال البدن) .

والمحافظة على وضع (السواء) أو (التعديل) أو (الاعتدال) هذا، والمحافظة على الإنسان (في أحسن تقويم) بدنيا ونفسيًا واجتماعيًا، مقصد أساسي من مقاصد الشريعة الإسلامية، (فإن الطب كالشرع ـ كما يقول الإمام العز بن عبد السلام في (قواعد الأحكام) وضع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، والذي وضع الشرع هو الذي وضع (الطب) فإن كل واحد منهما موضوع لجلب مصالح العباد ودرء مفاسدهم) .

(وقد اتفقت الأمة، بل سائر الملل ـ كما يقول الإمام الشاطبي في (الموافقات) على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس، وهي الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل) .

ونحن واجدون إن شاء الله بعد قليل تأمل، أن ثلاثًا من هذه الضروريات الخمس، وهي النفس والنسل، والعقل، لا تكتمل المحافظة عليها إلا بحفظ الصحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>