فالنظم التي تمولها الدولة مباشرة، تنفق الحكومة عليها من بيت مالها، الذي يعتبر من أهم سبل تمويله جباية الضرائب؛ ولكن الناس كما نعلم ليسوا سواء في ما يدفعون من ضرائب؛ فالأغنياء يدفعون أكثر مما يدفع الفقراء ـ هذا إذا دفع الفقراء ـ لأن ما يفرض من الضرائب يتناسب مع الدخل، ثم هنالك شرائح معفاة من الضرائب كما أن هناك ضرائب تصاعدية. على أن ثمة نوعًا خاصًا من الضرائب يستحق الذكر، ألا وهو تلك الضرائب التي تفرض على السلع المضرة بالصحة أو الأنشطة المضرة بالصحة، والأصل في أمثال هذا النوع الخاص من الضرائب أن توجه برمتها إلى تمويل القطاع الصحي.
أما النظم التي تمولها التأمينات الاجتماعية، فتمول من صندوق التأمينات الاجتماعية، الذي تتكون أمواله من مساهمات المشتركين فيه، على أساس مبالغ تقطتع من رواتب العاملين، ومبالغ مقابلة يدفعها أرباب العمل. والعادة أن تكون مؤسسة التأمينات الاجتماعية هيئة مستقلة ولو أنها تخضع للتشريعات التي تسنها السلطة التشريعية، كما تخضع للرقابة من قبل أجهزة الرقابة الحكومية، والمظهر التعاوني واضح هنا كذلك، فإن المرء يدفع بمقدار ما يتقاضى من مرتب، أي إن من هو أعلى دخلاً يدفع أكثر ممن هو أقل دخلاً، ولكن صندوق التأمينات يدفع لمن يحتاج الرعاية الصحية أو الخدمة الصحية بمقدار ما يحتاج بغض النظر عما دفع إلى الصندوق من قبل.
ثم إن هذه النظم على نوعين: أما أحدهما فهو ما تمول فيه الرعاية الصحية من صندوق التأمينات الاجتماعية العام الذي يغطي بمظلته أيضًا سائر أنواع الأمن الاجتماعي كالتقاعد، والعجز، والبطالة. وأما الآخر فيكون فيه صندوق فرعي مخصص للإنفاق الصحي، وتكون الاقتطاعات فيه مخصصة للصحة منذ البداية.