للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يمكن تمويل الخدمات الصحية في ظلال هذه المبادئ جميعًا؟

الواقع أن مثل هذا التمويل يمكن أن يتم بعدة صور:

فإما أن يدفع المرضى أجور الخدمات الصحية مباشرة، وإما أن تتكفل الدولة بذلك فتقدم التمويل اللازم من خزانة الدولة (التي تجبي أموالها بطرق مختلفة؛ منها الضرائب المباشرة وغير المباشرة) ، وإما أن تتم تغطية تكاليف الخدمات الصحية من خلال مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وإما أن يتم ذلك بـ التأمين الصحي لدى شركات خصوصية.

والواقع إننا إذا استثنينا الصورة الأولى، أي الدفع المباشر من قبل المريض (للطبيب المعالج أو طبيب الأسنان أو الجراح أو الصيدلي أو اختصاصي المختبر والأشعة أو للمستشفى) فإن الصور الأخرى تمثل شكلاً من أشكال التأمين بمعناه الذي تحدثنا عنه، ألا وهو تجميع احتمالات التعرض للخطر (للمرض أو العجز) وتفتيتها باقتسامها والمشاطرة فيها، بمعنى أن المريض يدفع دائمًا أقل مما كان سيتحمل وحده أجور الخدمات الصحية مباشرة.

وتتجلى في هذه الأنماط جميعًا صورة من صور التعاون؛ لأن أولئك الذين يدفعون ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ ضرائب الدولة أو أقساط التأمينات الاجتماعية أو التأمين الصحي الخصوصي، ليسوا سواءً! فأولئك الذين أنعم الله عليهم بسعة في الرزق، أو انخفاض في احتمال التعرض للمرض (وهو الخطر هنا) أو كليهما، يعاونون أولئك الذين قدر عليهم رزقهم، أو ازداد احتمال تعرضهم للمرض أو كليهما، لا سيما إذا ذكرنا أن الفقر كثيرًا ما يترافق مع المرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>