للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ ـ الترجيح: ينبغي أن نميز بين حالتين:

الحالة الأولى: اشتراط البرء لاستحقاق المقابل في عقد العلاج الطبي أو إجراء العمليات الجراحية، إذا جرى العرف الطبي على أن بذل العناية الكافية إزاءها يؤدي عادة إلى البرء، وفي هذه الحالة أن نرى أن الشرط صحيح والعقد صحيح، فهو التزام بنتيجة يؤدي إلى عدم استحقاق المقابل إذا لم

يتحقق البرء.

والحالة الثانية: اشتراط البرء لاستحقاق المقابل في عقد العلاج الطبي أو إجراء العمليات الجراحية، إذا جرى العرف الطبي على أن ضمان البرء إزاءها ليس في مقدور الطبيب، وإنما يخضع لظروف متعددة لا سلطان للطبيب عليها، وفي هذه الحالة نرى أن الشرط فاسد، ويبقى العقد معه صحيحًا، فيستحق الطبيب المقابل المتفق عليه إذا بذل العناية المطابقة للأسس العلمية في المجال الطبي، ولو لم يتحقق البرء.

وهذا الحكم هو ما بدا لنا من كلام المالكية والشافعية، وهو المنصوص عن الإمام أحمد، ويدل عليه حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها لما أرادت أن تشتري بريرة أبى مواليها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم، فذكرت ذلك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لها: ((اشتري واشترطي له الولاء فإن الولاء لمن أعتق)) (١) ، فاشتراط الولاء للبائع دون المعتق شرط فاسد ـ باتفاق ـ ومع ذلك بقي العقد صحيحًا وسقط الشرط وحده، فكذلك هنا. والله أعلم.


(١) (الحديث بتمامه في البخاري، انظر: الزبيدي، التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح:١ / ١٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>